وجه الله وتقرّبا إليه ومخافة اليوم العبوس المخيف الذي يقفون فيه أمامه.
وقد روى بعض المفسرين (١) أن هذه الآيات وما بعدها نزلت في علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة (رضي الله عنهما) في قصة طويلة حيث جاءهم في ثلاثة أيام متوالية مسكين ويتيم وأسير فكانا يحرمان أنفسهما مما أعداه لغذائهما من طعام الشعير الذي اقترضا ثمنه وكانا في أشد الحاجة إليه ، فيعطيانه لهم ويبيتان على الطوى. وهناك من روى أنها نزلت في رجل من الأنصار اسمه أبو الدحداح لأنه فعل ما روته الرواية السابقة (٢) وهناك من روى أنها نزلت في ابن عمر حيث كان مريضا واشتهى العنب فاشتروه له فجاء سائل فأمر بإعطائه له أول مرة وثاني مرة (٣).
والروايات تقتضي أن تكون الآيات مدنية مع أن الطابع المكي قوي البروز عليها كما قلنا قبل.
والرواية الأولى مما نالت حفاوة المفسرين الشيعيين كثيرا (٤) الذين ولعوا في صرف كثير من الآيات إلى علي (رضي الله عنه) وذريته بقطع النظر عن المناسبة والسياق. حتى لقد يخطر بالبال أن تكون رواية مدنية السورة أو الآيات من ذلك الباب. وقد نبهنا على أمثلة عديدة منه أيضا في مناسبات سابقة.
ومع احترامنا لعلي وزوجته ثم لسائر أصحاب رسول الله السابقين (رضوان الله عليهم) جميعا وما كانوا عليه من ورع وزهد وتقوى ورأفة بالمحتاجين ، واعتقادنا بأن حبّ الخير وو البرّ فيهم قد يحملهم على التصدّق بطعامهم للمساكين والأيتام والأسرى والأرقاء على شدة حاجتهم إليه فإن أسلوب الآيات ومضمونها وروحها وطابعها المكي القوي كل ذلك يلهم أنها بسبيل وصف الأبرار الذين ذكروا في الآية السابقة مباشرة بصورة عامة. وفيها مع ذلك صورة رائعة واقعية لما كان
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في الطبرسي والخازن والبغوي.
(٢) انظر الخازن والبغوي.
(٣) انظر تفسير ابن كثير.
(٤) انظر الطبرسي.