إلى أن ذلك محرّم شرعا وأن الاعتقاد بحلّه كفر.
وفحوى الآيتين اللتين نحن في صددهما والأحاديث التي أوردناها في جانب الرأي الثاني فيما يتبادر لنا.
وثالثا : إن معظم أئمة المذاهب متفقون على كفر الساحر المسلم ووجوب قتله إذا لم يتب دون الساحر الكافر إلا إذا أدى سحره إلى قتل نفس ، وأنهم متفقون كذلك على تكفير من يراجع السحرة ويطلب منهم تحقيق مطلبه ولم يقل أحد بقتله.
والظاهر أن الذين ذهبوا إلى قتل الساحر قد أخذوا بحديث الإمام أحمد الذي أوردناه قبل. أما كفر من يراجع الساحر فليس فيه نصّ صريح قرآني أو نبوي ويكون والحالة هذه منوطا باستحلال ذلك إلا أن يكون القائلون قذ قاسوا هذا على حالة من يراجع عرّافا أو كاهنا حيث روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم حديثا جاء فيه : «من أتى عرّافا أو كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمّد» (١). وقد يكون القياس وجيها ، ولقد أورد مؤلف التاج صيغة أخرى لهذا الحديث رواها الإمام أحمد جاء فيها : «من أتى عرّافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» (٢) وواضح أن هذا النص يتناقض مع نص الكفر الوارد في الصيغة الأولى ، ويظهر أن الذين قالوا بالكفر لم يأخذوا به ، والله تعالى أعلم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥) ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ٢٠١.
(٢) التاج ج ٣ ص ٢٠١.