٢ ـ وأمر للنبي صلىاللهعليهوسلم بالإجابة بأنها لأجل تنظيم مواقيت الناس وحساب أيامهم ولأجل معرفة مواقيت الحج أيضا.
٣ ـ وتنبيه للسائلين أو السامعين إلى أنه ليس في دخول البيوت من ظهورها برّ حقيقي مقرّب إلى الله وإنما البرّ الحقيقي هو تقوى الله والتزام حدوده وأمر لهم بدخول البيوت من أبوابها وبتقوى الله ليتمّ لهم الفلاح والسعادة.
والآية فصل جديد آخر ، وعليه سمة تشريعية ، ومن المحتمل أن تكون نزلت بعد سابقتها فوضعت بعدها أو أنها وضعت بعدها للمماثلة التشريعية.
وقد روى المفسرون (١) أن شطر الآية الأول نزل بمناسبة سؤال عن الحكمة في تبدل حالات القمر وأسرار ذلك ، وأن شطرها الثاني نزل جوابا على سؤال آخر عن الحكم في تقليد من تقاليد الحج القديمة. وذلك أن العرب أو أهل يثرب كانوا حينما ينوون الحج ويحرمون له يحرمون على أنفسهم الاستظلال بسقف ما فإذا ما احتاجوا إلى شيء في بيوتهم أو أرادوا أن يدخلوا لبيوتهم فلا يدخلونها من الأبواب لئلا يظللهم السقف وإنما يصعدون إلى السطوح وينزلون منها إلى فناء البيت أو يخرقون خرقا في الجدار.
وهناك حديث رواه البخاري ومسلم عن البراء جاء فيه : «كانوا في الجاهلية إذا أحرموا أتوا البيت من ظهره فأنزل الله تعالى : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها)». ولفظ مسلم : «كانت الأنصار إذا حجّوا ورجعوا لم يدخلوا البيوت إلّا من ظهورها فجاء رجل من الأنصار فدخل من بابه فلاموه فنزلت الآية.
ومهما يكن من أمر فالمتبادر أن الآية نزلت في مناسبة سؤالات في صدد ما ذكر فيها. ويتبادر لنا أن المسألتين عرضتا على النبي صلىاللهعليهوسلم أو سئل عنهما في ظرف واحد قبل نزول الآية فنزلت الآية للإجابة عليهما معا ، والتناسب ملموح بين المسألتين كما هو ظاهر مما قد يدعم ذلك.
__________________
(١) انظر تفسير الآية في الطبري والخازن والبغوي وابن كثير.