وينطوي في الآية النهي عن شهادة الزور والتزوير والحجة الباطلة المزوقة والدعوى المنمقة الخادعة التي تصور الحق باطلا والباطل حقا عن عمد وعلم بل وينطوي فيها نهي عن استحلال المسلم مال أخيه بأية وسيلة من وسائل الباطل من غشّ وتغرير وكذب وغبن وافتعال وأيمان وقمار وسرقة ورشوة وخيانة إلخ.
وقوة الزجر والتوجيه في الآية ملموحة ومتسقة مع شدة اهتمام القرآن لإقرار الحق وتوطيده وقيام العدل والإنصاف بين الناس والزجر عن الباطل والبغي والاحتيال والتزوير وتقبيح كل ذلك. وهذه القوة منطوية في الأحاديث النبوية حيث يتساوق التلقين القرآني والنبوي في هذا الأمر كما يتساوق في جميع الأمور.
ولقد رأى بعض المفسرين في تعبير (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) معنى الرشوة والقصد إليها. وهذا المعنى أو القصد منطو في الآية سواء أدلّ هذا التعبير بالذات عليه أو لم يدلّ. وفي هذا أيضا يتساوق التلقين القرآني مع التلقين النبوي حيث روى أبو داود وأحمد والترمذي حديثا عن أبي هريرة جاء فيه : «لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الراشي والمرتشي في الحكم» (١).
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)) [١٨٩]
(١) الأهلّة : جمع هلال. ومع ذلك فإن المتبادر أنها تعني حركات القمر وصوره خلال الشهر وتوالي ذلك شهرا بعد شهر.
في الآية :
١ ـ حكاية لسؤال وجّه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم عن الأهلّة.
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ٥٠.