ومعاملتها على هذا الاعتبار. وكل هذا حقّ الرجل على زوجته. وكلمة (بِالْمَعْرُوفِ) في مقامها بليغة المدى لأن هذه الكلمة تعني كل حقّ متعارف عليه وليس فيه منكر ، وبالمقدار المتعارف عليه وهذا لا يقاس بزمن بعينه بل يظل يتبدل ويتطور حسب تبدل ظروف الحياة الاجتماعية وتطورها والضابط العام فيه هو أن لا يحرّم حلالا ولا يحلّ حراما.
ولقد قال المفسر الخازن في هذا الصدد : «وذلك أن حقّ الزوجية لا يتم إلا إذا كان كل من الزوجين يراعي حق الآخر فيما له وما عليه. وأن على الزوج أن يقوم بجميع حق زوجته ومصالحها». وقال الطبري : «وهذه الجملة من الكلمات العجيبة الجامعة للفوائد الجمة». وقال رشيد رضا بالإضافة إلى ما نقلناه عنه : «إن هذه الجملة تعطي الرجل ميزانا يزن معاملته به لزوجته في جميع الشؤون والأحوال وتقرر أن الحقوق بينهما متبادلة وأنهما أكفاء وأن ما من عمل تعمله المرأة للرجل إلّا وعلى الرجل عمل يقابلها به إن لم يكن مثله في شخصه فهو مثله في جنسه. فهما متماثلان في الحقوق والأعمال كما أنهما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل أي إن كلا منهما بشر تام له عقل يفكر في مصالحه وقلب يحب ما يلائمه ويسرّ به ويكره ما لا يلائمه وينفر منه. وليس من العدل أن يتحكم أحد الزوجين في الآخر ولا تكون الحياة الزوجية سعيدة إلا باحترام كل من الزوجين للآخر والقيام بحقوقه».
(الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)) [٢٢٩ ـ ٢٣٠].