يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور فلا تفضلوني على الأنبياء ، وفي رواية : لا تفضلوا بين الأنبياء». ثم قال ابن كثير : والجواب على ذلك من وجوه : أحدها أن يكون ذلك قبل أن يعلم بالتفضيل وفي هذا نظر ، والثاني أنه قال ذلك من باب التواضع ، والثالث أنه نهى عن التفضيل في مثل الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر ، والرابع أنه أراد بذلك النهي عن التفضيل بسائق العصبية.
ومع إيماننا التام العميق بعظم فضائل سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ورفعة شأنه ودرجاته عند الله وما ميزه الله عن غيره من الأنبياء من الميزات العظيمة التي ذكرت في القرآن بأساليب متنوعة في السور المكية والمدنية معا وذكرت في هذه الأحاديث وأحاديث أخرى سنوردها في مناسبات آتية أكثر ملاءمة ، فإننا نلحظ أن التعبير هنا مطلق عام ومن قبيل ما جاء في آية سورة الإسراء هذه : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥)) وليس هناك آثار وثيقة متصلة بالنبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه تفيد أن هذا التعبير هنا هو عائد إلى النبي صلىاللهعليهوسلم.
هذا ، ولقد ورد في سورة البقرة وفي سلسلة بني إسرائيل آية فيها نفس الجملة التنويهية التي وردت في هذه الآيات في حقّ عيسى (عليهالسلام) وعلقنا عليها تعليقا يغني عن التكرار.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)) [٢٥٤]
(١) خلّة : مودة وصداقة.
عبارة الآية مفهومة ولم نطلع على رواية خاصة بنزولها ، والمتبادر أنها ليست منقطعة عن السياق بل فيها عود على بدء وربط بين الدعوة إلى القتال والإنفاق في سبيل الله التي تضمنتها الآيتان اللتان سبقت فصل بني إسرائيل. والحث فيها قوي ،