مكّيان أكثر من كونهما مدنيين. وكذلك الآيات [٥٢ ـ ٥٥]. أما الآيات [٣٨ ـ ٤١ و ٥٨ ـ ٦٠] فقد يؤيّد أسلوبها ومضمونها مدنيتها ، مع احتمال أن تكون ـ وبخاصة الآيات [٣٨ ـ ٤١] ـ مكية أيضا ؛ لأن أسلوبها ومضمونها يسوغان تخمين ذلك.
وهناك آيات لم يذكرها الرواة في عداد الآيات المدنية على ما اطّلعنا عليه ، مع أن مضمونها قد يسوغ بل قد يرجّح مدنيتها وهي الآيات [٢٥ ـ ٢٧] ثم الآيتان الأخيرتان من السورة اللتان يحتمل أن تكونا مدنيتين أيضا على ما سوف نشرحه بعد.
وعلى كل حال ، فإن أسلوب معظم آيات السورة ومضمونها يسوغان ترجيح صحّة رواية مكّيتها ، مع احتمال أن تكون بعض آياتها مدنية.
وفي هذه السورة موضعان يسجد عندهما سجود تلاوة ، وهما الآيتان [١٨ و ٧٧] وقد ورد في صدد ذلك حديث رواه أبو داود والترمذي والحاكم عن عقبة بن عامر قال : «قلت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله في سورة الحجّ سجدتان قال : نعم ، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما» (١). وروى هذا الحديث الإمام أحمد بفرق مهم وهو أن عقبة قال : «يا رسول الله ، أفضلت سورة الحجّ على سائر القرآن بسجدتين؟ قال : نعم» (٢). وهناك حديث رواه أبو داود عن خالد بن معدان «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فضلت سورة الحجّ على سائر القرآن بسجدتين» (٣). وحديث رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي عن أبي الجهم قال : «سجد عمر سجدتين في الحجّ ـ أي في سورة الحجّ ـ وهو بالجابية ، وقال إنّ هذه فضلت بسجدتين» (٤).
والحديث الأول وارد في كتاب من كتب الأحاديث الصحيحة ، والأحاديث الأخرى محتملة الصحّة. وسجدات التلاوة منحصرة في السور المكيّة. فبالإضافة
__________________
(١) التاج ج ١ ص ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٢) من تفسير السورة لابن كثير.
(٣) انظر المصدر نفسه.
(٤) انظر المصدر نفسه.