إلى ما في الأحاديث من تنويه بفضل هذه السورة ، فإن فيها ، والحالة هذه ، دلالة على مكيتها ، والله أعلم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢)) [١ ـ ٢]
(١) الزلزلة : معناها اللغوي شدّة التحريك وإزالتها للأشياء عن أماكنها.
في الآيتين : حثّ للناس على تقوى الله والتزام حدوده. وتحذير من هول يوم القيامة ، الذي يحاسب الناس فيه على أعمالهم. وتشبيهه بالزلزلة العظيمة ، التي تذهل الأمهات ، حين ما تحدث ، عن أطفالهن وتجهض الحاملات ، ويبدو الناس كالمخمورين ولو لم يشربوا خمرا ؛ بسبب الرعب الشديد والاضطراب اللذين يستوليان عليهم.
ولقد روى الطبري وغيره (١) روايات متعددة الصيغ مع اتفاقها بالجوهر ، في صدد هذه الآيات ، جاء في واحدة منها رواها الطبري عن عمران بن الحصين قال : «بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض مغازيه ، وقد فاوت السير بأصحابه ، إذ نادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهذه الآية (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) ، فجثوا المطي حتى كانوا حول رسول الله ، قال : هل تدرون أيّ يوم ذلك؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذلك يوم ينادي آدم ويناديه ربّه ابعث بعث النار من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار ، قال : فأبلس القوم فما وضح منهم ضاحك ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ألا اعملوا وأبشروا فإنّ معكم خليقتين ما كانتا في قوم
__________________
(١) انظر تفسير البغوي وابن كثير والخازن والطبرسي والزمخشري أيضا.