(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) [القصص / ٨] وقول أبي العتاهية :
لدوا للموت وابنوا للخراب |
|
فكلّكم يصير الى التّراب |
وقيل : إنها لام التمكين والاقتدار ، كما في قوله تعالى (جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) [يونس / ٦٧] وقوله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) [النحل / ٨] والتمكّن والاقتدار حاصل ، وإن لم يسكن بعض الناس في الليل ولم يركب بعض هذه الدواب ؛ ومعنى التمكين والاقتدار هنا ، أنه سبحانه وتعالى أقدرهم على قبول حكم الاختلاف ومكّنهم منه. وقيل : اللام هنا ، بمعنى «على» كما في قوله تعالى : (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (١٠٣) [الصافات] وقوله تعالى : (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) (١٠٧) [الإسراء].
فإن قيل : كيف الجمع بين قوله تعالى (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) [الآية ١٢٠] وقوله تعالى (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (١٦٤) [النساء].
قلنا : معناه وكلّ نبأ نقصّه عليك من أنباء الرسل هو (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) [الآية ١٢٠] ف ما في موضع رفع خبر لمبتدأ محذوف ، فلا يقتضي اللفظ قصّ أنباء جميع الأنبياء ، فلا تناقض بين الآيتين. الثاني : أنّ المراد بالكلّ هنا البعض ، كما في قوله تعالى : (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) [البقرة / ٢٦٠] وقوله تعالى : (وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) [يونس / ٢٢] وقوله تعالى (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [النمل / ٢٣] وقوله تعالى (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء / ١٣] وقول لبيد الشاعر :
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم لا محالة زائل |
وكثير من الأشياء غير الله تعالى حق ، كالنبي عليه الصلاة والسلام والإيمان والجنة وغير ذلك ، وكذلك نعيم الجنة والآخرة ليس بزائل ، ولبيد صادق في هذا البيت لقوله (ص) : أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد ، ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل.
فإن قيل : ما فائدة تخصيص هذه السورة بقوله تعالى (وَجاءَكَ فِي هذِهِ