قال تعالى : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) [هود / ٨١].
وفي الحديث في صفته (ص) : فإذا التفت التفت جميعا ، أراد أنه لا يسارق النظر.
وفي الحديث أيضا : «إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يلفت الكلام كما تلفت البقرة الخلى (١) بلسانها».
أقول : إن ما في الحديث يذكّر بأقوال المعاصرين مما ولّدوه متأثرين باللغات الغربية الأعجمية وهو قولهم : اللّف والدوران ، وفلان يلف ويدور أي : لا يفصح ويعمّي عن قصد ، وهي صفة تقرب من الاحتيال والخداع. ويقولون في العربية المعاصرة : وهذا يلفت النظر ، من «ألفت» وهو رباعيّ مولّد لا تعرفه الفصيحة.
وقولهم : «ألفت النظر» ، وهو ملفت للنظر في العربية المعاصرة ، جديد من المجازات التي جدّت في العربية ، والأصل فيها نقل ما في اللغات الأعجمية.
ومن المفيد أن نقف قليلا على مادة «لفت» ، لندرك سعة العربية التي جاءت بالفرائد من هذا الأصل القديم.
قالوا : واللّفوت من النساء : التي تكثر التلفّت ، وقيل : هي التي يموت زوجها أو يطلّقها ويدع عليها صبيانا ، فهي تكثر التلفّت إلى صبيانها.
وقيل : هي التي لها زوج ، ولها ولد من غيره ، فهي تلفّت إلى ولدها.
وفي الحديث : لا تتزوّجنّ لفوتا ، وهي التي لها ولد من زوج آخر ، فهي لا تزال تلتفت إليه وتشتغل به عن الزوج.
والألفت : القويّ اليد الذي يلفت من عالجه ، أي : يلويه.
والألفت والألفك في كلام تميم : الأعسر ، سمّي بذلك لأنه يعمل بجانبه الأميل.
وفي كلام قيس : الأحمق مثل الأعفت ، والأنثى لفتاء.
وفوائد أخرى قديمة أشارت إليها المعجمات.
١١ ـ وقال تعالى : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) [الآية ٨٨].
أريد بالأمر في الآية الدعاء عليهم ،
__________________
(١). الخلى : الرّطب من النبات.