قلنا : لاستعمال كل من المسّ والإرادة في كل من الضرّ والخير ، وأنه لا مزيل لما يصيب به منهما ، ولا رادّ لما يريده فيهما ، فأوجز الكلام بأن ذكر المسّ في أحدهما ، والإرادة في الآخر ، ليدلّ بما ذكر على ما لم يذكر ، مع أنه قد ذكر المسّ فيهما في سورة الأنعام ، وإنما عدل هنا عن لفظ المسّ المذكور في سورة الأنعام ، إلى لفظ الإرادة ، لأن الجزاء هنا قوله تعالى : (فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) [الآية ١٠٧] والرد إنما يكون في ما لم يقع بعد ، والمسّ إنما يكون في ما وقع ، فلهذا قال تعالى ثمّ : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٧) [الأنعام] ومعناه ، فإن شاء أدام ذلك الخير ، وإن شاء أزاله ، فلا يطلب دوامه وزيادته إلّا منه تعالى.