تحقيق الشيء ، واختلف فيها فقيل أصلها التبرئة بمعنى لا بدّ ، وقد استعملت بمعنى حقّا.
وقال الخليل : إن «جرم» إنما تكون جوابا لما قبلها من الكلام ، يقول الرجل : كان كذا وكذا وفعلوا كذا ، فتقول : لا جرم أنهم سيندمون ، أو انه سيكون كذا وكذا.
٣ ـ وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٣).
قوله تعالى : (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) ، اي : اطمأنّوا إليه ، وانقطعوا الى عبادته بالخشوع والتواضع ، وهو من الخبت أي : الأرض المطمئنة.
وقيل : معناه أنابوا وتضرّعوا إليه ، وهو قول ابن عبّاس.
وعن مجاهد : المعنى خضعوا له وخشعوا اليه ، والكلّ متقارب.
وفي قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (٣٤) [الحج].
أي : المتواضعين : وقيل : المطمئنّين.
وفي قوله تعالى : (فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ) [الحج / ٥٤]. فسّره ثعلب بأنه التواضع.
وفي حديث الدعاء : «واجعلني لك مخبتا».
أقول : وهذا من الكلم القرآني الذي نهض له أهل العلم من اللغويين والمفسّرين ، ووقفوا منه وقفات فيها جدّ وإخلاص.
٤ ـ وقال تعالى : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) [الآية ٢٧].
قوله تعالى : (بادِيَ الرَّأْيِ) بمعنى أوّل الرأي أو ظاهر الرأي ، وانتصابه على الظرف ، أصله : وقت حدوث أول رأيهم ، أو وقت حدوث ظاهر رأيهم ، فحذف ذلك وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقرئ بالهمز وغير الهمز.
أقول : قد يحمل على الظرف مسائل كثيرة ليست من الظرف في الدلالة الزمانية أو المكانية ، فما أضيف الى الظرف أو إلى كلّ ما يدلّ على شيء من الزمان والمكان ينصب على الظرفية ، ألا ترى أن «أثناء» جمع ثني ، و «خلال» مصدر يدل على المكان ، ولكنهما اكتسبا الظرفية من الخافض «في» كما في قولهم : «في أثناء» ،