عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤٨).
ونجتزئ بهذا القدر ، من هذه اللغة الشريفة التي أحسن الله بناءها ، فكان من ذلك سر الإعجاز.
٧ ـ وقال تعالى : (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ) [الآية ٦٠].
قوله تعالى : (كَفَرُوا رَبَّهُمْ) ، المراد به (كفروا بربهم) فحذف الباء كقولهم : أمرتك الخير ، والمعنى أمرتك بالخير ، وهذا من باب الحذف والإيصال ، وفي لغة القرآن ، وغيره ، نظائر وأشباه ، قال تعالى :
(أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) (٦٨).
ولا بد أن نستذكر قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [الأعراف / ١٥٥]. وقد مرّ كلامنا على الآية.
٨ ـ وقال تعالى : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) [الآية ٦١].
المراد بقوله تعالى : (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) ، أي : أذن لكم في عمارتها ، واستخراج قومكم منها ، وجعلكم عمّارها.
أقول : هذا هو أصل الاستعمار ، فماذا من أمره في العربية المعاصرة. لا أريد أن ادخل في موضوع «الاستعمار» بمعناه الحديث ، فهو تسلط أجانب أعداء على بلاد ليست بلادهم ، والاستيلاء عليها والإفادة من خيراتها.
ومن غير شكّ ، أن في هذا فهما جديدا لهذه الكلمة ، يدخل في باب التطور الجديد ، وكم من كلمة هبطت من عل الى الدرك الأسفل ، وليس غريبا أن تجد عكس ذلك.
٩ ـ وقال تعالى : (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) [الآية ٧٠].
قوله تعالى : (نَكِرَهُمْ) مثل أنكره واستنكره ، إلا أنّ «منكور» قليل في كلامهم ، وقال الأعشى :
وأنكرتني وما كان الذي نكرت منّي الحوادث إلّا الشّيب والصّلعا أقول : قولهم : إنّ «منكور» قليل في كلامهم مع وجود الفعل الثلاثي ، وهذا