واما إذا كان الدليل الرواية مثل رواية أبي خديجة ومقبولة عمر بن حنظلة التي مرت آنفا فحيث ان العارف بالاحكام والحلال والحرام لا يصدق بالنسبة إلى المتجزي فيشكل جواز تقليده فعمله برأيه امر وتقليد غيره إياه امر آخر فهو عالم فلا يرجع إلى غيره ويعمل برأيه ولا يصدق عليه العارف بالاحكام فلا يجوز تقليد غيره إياه وكذلك لا يجوز حكمه وقضاؤه لأن دليل الحكم والتقليد واحد وهو الروايات.
فلا يقال عمله بفتواه لأنه عالم لازمه جواز تقليده لأنه عالم فيرجع إليه الجاهل لأنا نقول ان له الحجة لنفسه ولا يصدق عليه العارف بالاحكام ليكون له هذا المنصب ولا يقال أيضا ان الاجتهاد ملكة وهي تحصل بكثرة الاستنباط وليس للمتجزي كثرة الاستنباط لأنا نقول هذا الإشكال يكون في أصل اجتهاده وقد أجبنا عنه في الجهة الأولى في مقام تصوير إمكانه بأن مبادئ الحكم تختلف صعوبة وسهولة وربما يحصل العلم به لسهولة مبدئه.
الجهة الرابعة في جواز حكمه وقضائه بين الناس وعدمه فان المحقق الخراسانيّ قده قال بأنه أشكل من جواز تقليده ولم يبين سره والظاهر ان سره هو ان دليل التقليد يمكن ان يكون الفطرة والسيرة العقلائية من رجوع الجاهل إلى العالم وهو منطبق في حقه واما منصب القضاوة فهو جعلي ولم يكن للفطرة فيه دخل (١) فلا بد من أخذه من الروايات وهي يكون الحكم فيها بنفوذ حكمه في صورة كونه عارفا بالحلال والحرام وهو غير صادق في حق المتجزي فلا ينفذ حكمه.
فان قلت ان السند ليس المقبولة عن عمر بن حنظلة فقط بل مشهورة
__________________
(١) أقول ليس الرجوع إلى الحكام أيضا خارجا عن الفطرة فان الناس في عيشتهم الاجتماعية يرون بفطرتهم احتياجهم إلى من يرفع النزاع عنهم ولذا تراهم ينقادون في بعض الأوقات لرأي بعض مشايخهم أو من يقضى بينهم لأنه أهل لحل النزاع عندهم فضلا عن الرجوع إلى رئيس الاجتماع في فصل الخصومة والشرع أمضى هذه الفطرة مع التحديد بحدود عنده فهذا الوجه للإشكالية غير تام.