كون الفقر مثلا ضرريا لا ينفى بها ولا يتبع ما يتوهم انه لازمه وهو أخذ المال عينا أو منفعة من الغنى لأن مفادها النفي لا الإثبات ولأنها قاعدة امتنانية للنوع لا للشخص فقط كما ان قاعدة نفى الحرج أيضا كذلك ولم يعهد في هذا الباب من الإسلام إلّا جعل حق للفقراء بجميع شئون فقرهم في مسكنهم وملبسهم ومأكلهم من الخمس والزكاة والكفارات وأمثال ذلك وغاية أمرهم بيد ولى المسلمين كما ان بحث الاجتهاد والتقليد فيه مسائل دقيقة لطيفة كما لا يخفى عن أهل الفن ولا يكون البحث في الأصول عنه الا في كلياته وكيف كان فلنشرع في أصل المطلب.
خاتمة في الاجتهاد والتقليد
والبحث فيه في فصول
الفصل الأول في معنى الاجتهاد فقد اختلف التعابير في معناه فقيل انه في اللغة عبارة عن تحمل المشقة واصطلاحا هو استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي وقيل انه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي وأساتيذنا قالوا انه استفراغ الوسع لتحصيل الحجة الشرعية.
وأقول انه لا يخفى عليكم ان المراد بالمجتهد في اصطلاح الفقهاء والأصوليين ليس من يصدق عليه في اللغة انه اجتهد وسعى فهو مجتهد وإلّا لزم ان يشمل عنوان المجتهد لمن هو كذلك في مبادئ استنباط الأحكام مثل من اجتهد في علم النحو فقط أو الصرف أو المنطق وصار صاحب رأى ونظر.
بل المراد بالمجتهد هو من عرف الحلال والحرام عن الأدلة الشرعية وهو الموضوع لجواز تقليده كما يكون التعبير كذلك في الروايات بأنه من عرف حلالنا وحرامنا فليرضوا به حكما وهذا المعنى الّذي هو موضوع جميع الآثار لا ينطبق عليه التعاريف المتقدمة في الاصطلاح.