الضّحاك : طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل فرجعوا (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) قد تقدّم تفسيره في هذه السورة (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) أي : أتاهم صباحا عذاب مستقرّ بهم نازل عليهم لا يفارقهم ولا ينفكّ عنهم. قال مقاتل : استقرّ بهم العذاب بكرة ، وانصراف بكرة لكونه لم يرد بها وقتا بعينه كما سبق في «بسحر» (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ ـ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قد تقدّم تفسير هذا في هذه السورة ، ولعل وجه تكرير تيسير القرآن للذكر في هذه السورة الإشعار بأنه منّة عظيمة ، لا ينبغي لأحد أن يغفل عن شكرها.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) قال : باردة (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) قال : أيام شداد. وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يوم الأربعاء يوم نحس مستمر». وأخرجه عنه ابن مردويه من وجه آخر مرفوعا. وأخرجه ابن مردويه عن عليّ مرفوعا. وأخرج ابن مردويه أيضا عن أنس مرفوعا ، وفيه «قيل : وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال : أغرق الله فيه فرعون وقومه ، وأهلك فيه عادا وثمودا». وأخرج ابن مردويه والخطيب بسند ، قال السيوطي : ضعيف ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر». وأخرج ابن المنذر عنه (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ) قال : أصول النخل (مُنْقَعِرٍ) قال : منقلع. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في الآية قال : أعجاز سواد النخل. وأخرج ابن المنذر عنه أيضا (وَسُعُرٍ) قال : شقاء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أيضا قال : (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) قال : كحظائر من الشجر محترقة. وأخرج ابن جرير عنه أيضا في الآية قال : كالعظام المحترقة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه قال : كالحشيش تأكله الغنم.
(وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥))
(النُّذُرُ) يجوز أن يكون جمع نذير ، ويجوز أن يكون مصدرا كما تقدّم ، وهي الآيات التي أنذرهم بها موسى ، وهذا أولى لقوله : (كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها) فإنه بيان لذلك ، والمراد بها الآيات التسع التي تقدم ذكرها (فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) أي : أخذناهم بالعذاب أخذ غالب في انتقامه ، قادر على إهلاكهم ، لا يعجزه شيء. ثم خوّف سبحانه كفار مكة فقال : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) والاستفهام للإنكار ،