ويقال : سفع بناصية فرسه. قال الراغب : السفع : الأخذ بسفعة الفرس ، أي : بسواد ناصيته ، وباعتبار السواد قيل : به سفعة غضب ؛ اعتبارا بما يعلو من اللون الدخاني وجه من اشتدّ به الغضب ، وقيل للصقر : أسفع لما فيه من لمع السواد ، وامرأة سفعاء اللون. انتهى ، وقيل : هو مأخوذ من سفع النار والشمس ؛ إذا غيرت وجهه إلى سواد ، ومنه قول الشاعر (١) :
أثافيّ سفعا في معرّس مرجل (٢)
وقوله : (ناصِيَةٍ) بدل من الناصية ، وإنما أبدل النكرة من المعرفة لوصفها بقوله : (كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) وهذا على مذهب الكوفيين فإنهم لا يجيزون إبدال النكرة من المعرفة إلا بشرط وصفها. وأما على مذهب البصريين ، فيجوز إبدال النكرة من المعرفة بلا شرط ، وأنشدوا :
فلا وأبيك خير منك إنّي |
|
ليؤذيني التّحمحم والصّهيل |
قرأ الجمهور بجرّ «ناصية كاذبة خاطئة» والوجه ما ذكرنا. وقرأ الكسائي في رواية عنه برفعها على إضمار مبتدأ ، أي : هي ناصية ، وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وزيد بن عليّ بنصبها على الذمّ. قال مقاتل : أخبر عنه بأنه فاجر خاطئ ، فقال : «ناصية كاذبة خاطئة» ، وتأويلها : صاحبها كاذب خاطئ (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) أي : أهل ناديه ، والنادي : المجلس الّذي يجلس فيه القوم ويجتمعون فيه من الأهل والعشيرة ؛ والمعنى : ليدع عشيرته وأهله ليعينوه وينصروه ، ومنه قول الشاعر (٣) :
واستبّ بعدك يا كليب المجلس (٤)
أي : أهله. قيل : إن أبا جهل قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتهددني وأنا أكثر الوادي ناديا؟ فنزلت : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ ـ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) أي : الملائكة الغلاظ الشداد ، كذا قال الزجاج. قال الكسائي والأخفش وعيسى ابن عمر : واحدهم زابن ، وقال أبو عبيدة : زبنية ، وقيل : زبانيّ ، وقيل : هو اسم للجمع لا واحد له من لفظه كعباديد وأبابيل. وقال قتادة : هم الشّرط في كلام العرب ، وأصل الزّبن الدّفع ، ومنه قول الشاعر :
ومستعجب ممّا يرى من أناتنا |
|
ولو زبّنته الحرب لم يترمرم |
والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتدّ بطشه ، ومنه قول الشاعر :
مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى |
|
زبانية غلب (٥) عظام حلومها |
قرأ الجمهور : «سندع» بالنون ، ولم ترسم الواو كما في قوله : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) (٦) وقرأ ابن أبي
__________________
(١). هو زهير بن أبي سلمى.
(٢). وعجز البيت : ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلّم.
(٣). هو المهلهل.
(٤). وصدر البيت : نبئت أنّ النار بعدك أوقدت.
(٥). «غلب» : جمع أغلب ، وهو الغليظ الرقبة.
(٦). القمر : ٦.