أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥) فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ (٣٧) قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩) قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠))
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) الرؤساء (أَفْتُونِي فِي أَمْرِي) أخبرونى عن أمرى ، ويقال : تشاوروا لى (ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً) فاعلة أمرا (حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢)) تحضرون وتشاورونى (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ) بالسلاح (وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) بالقتال (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ) يقول : أمرنا تبع لأمرك (فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ (٣٣)) حتى نفعل ما تأمرين ، ثم نطقت بالحكمة (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ) ملوك الأرض (إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً) عنوة بالحرب والقتال (أَفْسَدُوها) خربوها (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) بالضرب والقتل وغير ذلك (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤)) قال الله (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤)) يعنى ملوك الأرض بالكبرياء (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ) إلى سليمان (بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ) فأنتظر (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥)) الرسل (فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ) رسولها (قالَ) سليمان (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) هدية (فَما آتانِيَ اللهُ) أعطانى الله من الملك والنبوة (خَيْرٌ) أفضل (مِمَّا آتاكُمْ) أعطاكم من المال (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦)) إن ردت إليكم (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) بهديتهم (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ) بجموع (لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) لا طاقة لهم بها (وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها) من سبأ (أَذِلَّةً) مغلولة أيمانهم إلى أعناقهم (وَهُمْ صاغِرُونَ (٣٧)) ذليلون (قالَ) سليمان (يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) بسريرها (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨)) مستسلمين مصالحين (قالَ عِفْرِيتٌ) شديد (مِنَ الْجِنِ) يقال : له : عمرو (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) من مجلسك للقضاء وكان مجلس قضائه إلى انتصاف النهار (وَإِنِّي عَلَيْهِ) على حمله (لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩)) على ما فيه من الجواهر واللؤلؤ والذهب والفضة ، قال سليمان : بل أريد أسرع من هذا (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) اسم الله الأعظم يا حى يا قيوم وهو آصف بن برخيا (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) قبل أن يبلغ إليك الشىء الذى رأيته من بعيد