الوقود من النار ، ويقال : كان لجنهم ملك يضرب بعمود من نار (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ) يعنى المساجد (وَتَماثِيلَ) صور الملائكة والنبيين والعباد ، لكى ينظروا فيعبدوا ربهم على مثالهم (وَجِفانٍ) قصاع (كَالْجَوابِ) كحياض الإبل لا تحرك (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) ثابتات عظام لا ترفع يأكل منه ألف رجل (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ) يعنى سليمان (شُكْراً) دائما بما أنعمت عليكم (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (١٣)) من يؤدى شكر الشكر.
(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) على سليمان كان سليمان قائما فى محرابه سنة (ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ) موت سليمان (إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) الأرضة (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) عنزته (فَلَمَّا خَرَّ) وقع سليمان (تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) تبين الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (١٤)) الشديد من العمل بالسخرة ، وكان قبل ذلك يظن الإنس أن الجن يعلمون الغيب فتبين من ذلك أنهم لا يعلمون (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) لأهل سبأ اليمن (فِي مَسْكَنِهِمْ) فى منازلهم (آيَةٌ) علامة (جَنَّتانِ) بستانان (عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) عن يمين الطريق وشمالها ، وكان ثلاثة عشرة قرية نحو اليمن ، فبعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيا فقال لهم الأنبياء : (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ) من فضل ربكم من الثمار والنعم (وَاشْكُرُوا لَهُ) بالتوحيد (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) ليست بسبخة (وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥)) لمن آمن به وتاب.
(فَأَعْرَضُوا) عن الإيمان وإجابة الرسل ، ولم يشكروا له بذلك (فَأَرْسَلْنا) سلطنا (عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) سيل الوادى فأهلكت ما كان من البستانين والبيوت والنعم وغير ذلك ، والعرم واد فى اليمن ، يقال له : وادى الشجر ، وكان فيها مسناه يحبسون الماء فى الوادى بذلك ، وكان لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض فهدم الله تلك المسناة وأهلكهم بذلك الماء (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ) اللتين هلكتا (جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) أراك (وَأَثْلٍ) طرفاء (وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ) شمر (قَلِيلٍ (١٦)) الثمر كثير الشوك (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ) عاقبناهم (بِما كَفَرُوا) بالله وبنعمته (وَهَلْ نُجازِي) نعاقب (إِلَّا الْكَفُورَ (١٧)) الكافر بالله وبنعمته (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) وبين أهل سبأ (وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) بالماء والشجر ، يعنى الأردن وفلسطين (قُرىً ظاهِرَةً) متصلة معاينة (وَقَدَّرْنا فِيهَا) يعنى القرى (السَّيْرَ) على قدر المقيل والمبيت (سِيرُوا فِيها) سافروا فيها (لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (١٨)) من الجوع