(كُلٌ) كل هؤلاء (كَذَّبَ الرُّسُلَ) كما كذبك قومك قريش (فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤)) فوجبت عليهم عقوبتى وعذابى عند تكذيبهم (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) أفأعيانا خلقهم الأول حين خلقناهم حتى يعيينا خلقهم الآخر حين نخلقهم للبعث بعد الموت (بَلْ هُمْ) يعنى قريشا (فِي لَبْسٍ) فى شك (مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥)) بعد الموت (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) يعنى ولد آدم ، ويقال : هو أبو جهل (وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ) ما تحدث به (نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ) أعلم به وأقدر عليه (مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)) وهو العرق الذى بين العلباء والحلقوم ، وليس فى الإنسان أقرب إليه منه ، والحبل والوريد واحد (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ) إذ يكتب الملكان الكائنان (عَنِ الْيَمِينِ) عن يمين بنى آدم (وَعَنِ الشِّمالِ) شمال بنى آدم (قَعِيدٌ (١٧)) قعود هذا على نابه ، وهذا على نابه (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ) ما يتكلم العبد بكلام حسن أو سيىء (إِلَّا لَدَيْهِ) عليه (رَقِيبٌ) حافظ (عَتِيدٌ (١٨)) حاضر لا يزايله يكتب له أو عليه (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ) نزعات الموت (بِالْحَقِ) بالشفاء والسعادة (ذلِكَ) يا ابن آدم (ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩)) تفر وتكره (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) وهى نفخة البعث (ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠)) وعيد الأولين والآخرين أن يجتمعوا فيه (وَجاءَتْ) يوم القيامة (كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ) يسوقها إلى ربها ، وهو الملك الذى يكتب عليها السيئات (وَشَهِيدٌ (٢١)) يشهد عليها عند ربها ، وهو الملك الذى يكتب لها الحسنات ، ويقال : الشهيد عمله (لَقَدْ كُنْتَ) يا ابن آدم (فِي غَفْلَةٍ) فى جهالة وعمى (مِنْ هذا) اليوم (فَكَشَفْنا) فرفعنا (عَنْكَ غِطاءَكَ) عملك ما كان محجوبا عنك فى دار الدنيا (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)) حاد ، ويقال : فعلمك اليوم نافذ فى البعث.
(وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى