تَأْسَوْا) لا تحزنوا (عَلى ما فاتَكُمْ) من الرزق والعافية فتقولوا لم يكتب لنا (وَلا تَفْرَحُوا) لا تبطروا (بِما آتاكُمْ) بما أعطاكم فتقولوا : هو أعطانا (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ) فى مشيته (فَخُورٍ (٢٣)) بنعم الله ، ويقال : مختال فى الكفر فخور فى الشرك وهم اليهود (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) يكتمون صفة محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته فى التوراة (وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) فى التوراة بكتمان صفة محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته (وَمَنْ يَتَوَلَ) عن الإيمان (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) عن الإيمان (الْحَمِيدُ (٢٤)) لمن وحدوه ، ويقال : المحمود فى فعاله يشكر اليسير ، ويجزى بالجزيل.
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) بالأمر والنهى والعلامات (وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ) وأنزلنا عليهم جبريل بالكتاب (وَالْمِيزانَ) بينا فيه العدل (لِيَقُومَ) ليأخذ (النَّاسُ بِالْقِسْطِ) بالعدل (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) خلقنا الحديد (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) قوة شديدة لا تلينه إلا النار ، ويقال : فيه بأس شديد للحرب والقتال (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) لأمتعتهم مثل السكاكين والفأس والمبرد ، وغير ذلك (وَلِيَعْلَمَ اللهُ) لكى يرى الله (مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) بهذه الأسلحة (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) بنصره أوليائه (عَزِيزٌ (٢٥)) بنقمة أعدائه (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) إلى قومه بعد آدم بثمان مائة سنة ، فلبث فى قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، فلم يؤمنوا فأهلكهم الله بالطوفان (وَإِبْراهِيمَ) وأرسلنا إبراهيم إلى قومه بعد نوح بألف ومائتى عام ، واثنين وأربعين سنة (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا) فى نسلهما نسل نوح وإبراهيم (النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) وكان فيهم الأنبياء وفيهم الكتاب (فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ) مؤمن بالكتاب والرسول (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٦)) كافرون بالكتاب والرسول (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ) أتبعنا وأردفنا بعد نوح وإبراهيم فى ذريتهما (بِرُسُلِنا) بعضهم على أثر بعض (وَقَفَّيْنا) على أثرهم اتبعنا وأردفنا بعد هؤلاء الرسل غير محمد صلىاللهعليهوسلم (بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ) أعطيناه (الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) اتبعوا دين عيسى (رَأْفَةً) رقة وتعطفا يعطف بعضهم على بعض (وَرَحْمَةً) يرحم بعضهم بعضا (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) أعدوا لها الصوامع والديور ليترهبوا فيها وينجوا من فتنة بولس اليهودى (١)(ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) ما فرضنا عليهم الرهبانية (إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) إلا طلب رضا الله ، ويقال : (ابْتَدَعُوها) إلا ابتغاء رضوان الله ما كتبناها عليهم
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٢٧ / ١٣٨) ، والبحر المحيط (٨ / ٢٢٨) ، وزاد المسير (٨ / ١٧٦).