هذا الشاعر ادعى أن ما يحسبه الناس سوادا إنما هو البياض فقال هذين البيتين.
ويقال : تنور المكان : أي أضاء وهو فعل لازم ومثله في المعنى الفعل المتعدي «نور» الذي يجيء لازما ومتعديا نحو : نور الشيء : أي أضاء ونور الصبح : بمعنى : ظهر نوره ونور المصباح المكان : أي أناره وأضاءه فالمصباح منور ـ اسم فاعل والمكان منور ـ اسم مفعول ونحوه : نور الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مدينة يثرب بمقدمه وهجرته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إليها فهي منورة وسميت المدينة المنورة وهي المدينة التي هاجر إليها النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سنة اثنتين وعشرين وستمائة ميلادية واستقر بها واجتمع إليه المسلمون المهاجرون والأنصار ومنها انتشر الإسلام وفي هذه المدينة الواقعة شمالي مكة المكرمة ـ مسجد الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال الشاعر :
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا |
|
محياك أخفى ضوؤه كل شارق |
شارق : بمعنى : شمس .. ومحياك : أي وجهك سمي بذلك لأنه يخص بالذكر عند التسليم نحو : حي الله وجهك.
** (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة التاسعة أفرد الفعلان «يؤمن» و «يعمل» والضمير الهاء ـ ضمير الغائب ـ في ـ يكفر عنه سيئاته ويدخله ـ وذلك على لفظ «من» وجيء بصيغة الجمع في «خالدين» وذلك على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى. ونون آخر «أبدا» بعد انقطاعه عن الإضافة وأصله : أبد الآبدين .. أبد الدهر .. وهو ظرف زمان للمستقبل ولهذا لا يصح أن يقال : ما زرته أبدا بل يقال : ما أزوره أبدا وفي الماضي يقال ما زرته قط والظرف «أبدا» يفيد الاستقبال نفيا وإثباتا .. نحو : لا أفعله أبدا أو أفعله أبدا. ومن معاني «الأبد» الدهر .. القديم .. الأزلي .. الدائم. يقال : لا آتيه أبد الآبدين وأبد الدهر أما «الأبدي» فهو الشيء الذي لا نهاية له. وسميت «الآخرة» : الأبدية لأنها دوام لا نهاية له وقال الرماني : إذا قلت : لا أكلمه أبدا .. لن أكلمه أبدا .. فمعنى ذلك : لا يحصل ذلك دهرا أو إلى آخر العمر .. ولا نقول : لا أكلمه ولن أكلمه إطلاقا فهذه اللفظة وهي مصدر الفعل أطلق لها معان أخرى. نحو : أطلق الأسير إطلاقا : أي خلي سبيله .. وهذه العبارة أفصح من قولنا : أطلق سراح الأسير. و «يكفر عنه سيئاته» بمعنى : يمح سيئاته أي ذنوبه ومنه : الكفارة وهي أعمال البر والخير التي تمحو الذنوب. و «السيئات» جمع «السيئة» أي الأعمال السيئات وهي من الصفات التي تجري مجرى الأسماء مثل الحسنات.
** (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة. و «أصحاب النار» بمعنى : أهل جهنم .. لأن «النار» من أسماء جهنم وضرب بها الأمثال .. نحو : ما النار للفتيلة بأحرق من التعادي للقبيلة .. و «القبيلة» جمعها : قبائل قال تعالى في سورة «الحجرات» : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) أي خلقناكم لا لتتقاتلوا وتتعادوا ولكن خلقناكم لتتعارفوا وتتحابوا. و «الشعوب» جمع «الشعب» والشعب ـ بتسكين العين ـ هو جيل من الناس وهو أيضا الطبقة الأولى من الطبقات التي عددها : ست عند العرب .. وهي الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة .. فالشعب يجمع القبائل. والقبيلة : تجمع العمائر والعمارة : تجمع البطون .. والبطن : تجمع الأفخاذ .. والفخذ : تجمع الفصائل .. فخزيمة ـ كما ذكر ذلك