ابن عباس : خير سليمان بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معا. وقال عليه الصلاة والسلام : «أوحى الله إلى إبراهيم : يا إبراهيم إني عليم أحب كل عليم» وعن بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم وأي شيء فات من أدرك العلم. وعن الأحنف : كل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل يصير.
** (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة .. وفيه استعارة ممن له يدان .. بمعنى : قدموا قبل مسارتكم تقديرا واحتراما للرسول صدقة قدام مسارتكم. والصدقة : هي العطية يراد بها المثوبة لا المكرمة والعتق والصدقة من أفاضل الأعمال ونقول : أقر القاضي الحكم أو أجازه أو أمضاه أو وافق عليه بدلا من قولنا : صادق أو صدق على الحكم لأن «صادقه» معناه : كان صديقا له لم يكاذبه أو اعترف بصدق قوله. وقالت العرب في أمثالها : أخوك من صدقك النصيحة : يعني النصيحة في الدين والدنيا أي صدقك في النصيحة فحذف حرف الجر وأوصل الفعل وهو مثل قولهم : صديقك من صدقك لا من صدقك : أي هو من صدقك المودة والنصيحة بمعنى : الخل الحبيب. قال الشاعر :
وليس صديقا من إذا قلت لفظه |
|
توهم في أثناء موقعها أمرا |
ولكنه من لو قطعت بنانه |
|
توهمه نفعا لمصلحة أخرى |
وقال أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ : قول الحق لم يدع لي صديقا. وقال أحد الأدباء : لا تخدع نفسك بأن الصداقة تخول لك أن تقول أشياء غير لائقة للمقربين إليك .. فكلما ازدادت علاقتك توثقا مع شخص ما زادت الحاجة إلى اللباقة بينكما. وجاء في الأمثال : صورة المودة : الصدق.
** (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى : ألم تنظر يا محمد إلى المنافقين الذين والوا قوما سخط الله عليهم يعني اليهود الذين كانوا مجاورين للمدينة ما هم منكم أيها المؤمنون ولا من اليهود بل هم منافقون مذبذبون بين الاثنين يحلفون كذبا أنهم مؤمنون ويدعون الإسلام وهم يعلمون أنهم كاذبون.
** سبب نزول الآية : قال مقاتل والسدي : بلغنا أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم يرفع حديثه إلى اليهود فعاتبه الرسول فحلف بالله ما فعل ذلك فأنزل الله هذه الآية. وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو عليها فاجر «أي كاذب» لقي الله وهو عليه غضبان» وهذا الحديث يؤيده قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة. أي يحلفون على الكذب وهو ادعاء الإسلام بمعنى : يقولون : والله إنا لمسلمون وهم يعلمون أن المحلوف عليه كذب بحت. وغضب الله سبحانه : هو إنكاره على من عصاه وسخطه عليه ومعاقبته له. قال الشاعر :
أو تحلفي بربك العلي |
|
أني أبو ذيالك الصبي |
«ذيا» تصغير «ذا» اسم الإشارة للقريب و «ذاك» اسم إشارة للمتوسط ومع «ها» للتنبيه يصير «هذاك» وتصغيره : ذياك وأضيفت له لام البعد فصار : ذيالك. وعن ابن عمر ـ رضي الله