(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (٤)
(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) : معطوفة بأو للتخيير على جملة «انقص» وتعرب إعرابها. عليه : جار ومجرور متعلق بزد. وأصله : زيد حذفت الياء تخفيفا ولالتقاء الساكنين بمعنى : أو أوزد على النصف دون الثلثين.
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) : الواو عاطفة. رتل القرآن : تعرب إعراب «قم الليل» في الآية الكريمة الثانية. ترتيلا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وفيه معنى التوكيد بمعنى : وأحسن قراءة القرآن على ترسل وتؤدة بتبيين الحروف.
** (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يخاطبه سبحانه باسمه نداء إكراما له وتشريفا المعنى : يا أيها المتلفف بالثوب وأصل اللفظة : المتزمل أدغمت التاء في الزاي فشددت الزاي والكلمة اسم فاعل للفعل «تزمل» أي تدثر بمعنى اشتمل وتلفف بما يلقيه عليه من كساء أو غيره أي بما كان من الثياب فوق الشعار وهو ما يلي الجسد أو شعر من الثياب.
** (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية. المعنى : أقم صلاة الليل أي داوم عليها إلا قليلا منه للراحة فحذفت الصلة «منه» كما حذف المضاف المفعول «صلاة» وحل المضاف إليه «الليل» محله.
** سبب نزول الآية : أخرج الحاكم عن عائشة قالت : لما نزلت «يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا» قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم فأنزلت الآية الكريمة العشرون : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ).
** (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. القول الثقيل هو القرآن .. المعنى : سنوحي إليك قولا رصينا لرزانة لفظه وضخم معناه لما فيه من الأوامر والنواهي والتكاليف وهي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين وخاصة على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته .. فهي أثقل عليه وأبهظ له وأراد سبحانه بهذا الاعتراض أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن لأن الليل وقت السبات والراحة والهدوء أي السكون فلا بد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربد ـ تعبس ـ له جلده وعن عائشة ـ رضي الله عنها : «رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليرفض عرقا.
** (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : ودم على ذكر ربك سبحانه في ليلك ونهارك واحرص عليه .. و «ذكر الله» يتناول كل ما كان من ذكر طيب : تسبيح وتهليل وتكبير وتمجيد وتوحيد وصلاة وتلاوة قرآن ودراسة علم وغير ذلك مما كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يستغرق به ساعات ليله ونهاره. وتبتل إليه : أي وانقطع إليه عزوجل بالعبادة .. و «تبتيلا» مصدر لفعل الأمر «بتل» أما مصدر الفعل «تبتل»