«السنة» ففي الرأس و «النعاس» في العين». وقيل : السنة هي النعاس وقيل : السنة : ريح تبدو في الوجه ثم تنبعث إلى القلب فينعس الإنسان فينام ويقال : نام عن حاجته : بمعنى لم يهتم لها. وتناوم فلان : بمعنى : أرى أنه نائم وليس به. وقيل : يسمى النوم الثقيل : سباتا .. وأصله : الراحة ويقال أصله : سبت الرجل ـ يسبت ـ سبتا .. من باب «قتل» أو «نصر» و «السبت» بمعنى : الراحة .. الدهر .. حلق الرأس .. ضرب العنق ومنه جاءت تسمية «يوم السبت» لانقطاع الأيام عنده وجمعه : أسبت وسبوت وأفعال هذه التسميات الأربع من باب «ضرب» والمسبوت ـ اسم مفعول ـ بمعنى : الميت أو المغشي عليه. وفي الآية الكريمة بمعنى : الراحة أي وجعلنا منامكم إراحة لكم ولأجسامكم من عناء أعمال اليوم أو بمعنى «موتا» من «السبت» وهو القطع لأنه مقطوع عن الحركة ولما جعل النوم موتا لأنه أحد التوفيين جعل اليقظة معاشا : أي حياة في قوله تعالى في آية تالية : (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) أي وقت معاش تستيقظون فيه وتتقلبون في حوائجكم ومكاسبكم. ووردت لفظة «النوم» أيضا في أذان المؤذن : الصلاة خير من النوم. بمعنى : هي ذات خير وفضل أي جامعة لذلك. فلفظة «خير» هنا : اسم فاعل لا يراد به التفضيل. وتأتي كلمتا «خير» و «شر» اسمي تفضيل على وزن «أفعل» حيث إن أصلهما : أخير وأشر وهما شاذان من القاعدة وأسقطت همزتهما لكثرة الاستعمال بل الأفصح : حذف ألفهما فيقال : هذا خير من هذا أي يفضله وسائر العرب تسقط الألف منهما طلبا للفصاحة ويقال : إن بني عامر يقولون : هذا أخير من هذا وهذا أشر منه. ويقال : خيرته بين الشيئين : أي فوضت إليه الاختيار فاختار أحدهما وتخيره. قال الشاعر :
قد يدرك المتأني بعض حاجته |
|
وقد يكون مع المستعجل الزلل |
والناس من يلق خيرا قائلون له |
|
ما يشتهي ولأم المخطئ الهبل |
والهبل : أي الثكل .. من هبلته أمه : بمعنى : ثكلته أي فقدته. وقد ضربت العرب الأمثال الكثيرة حول كلمتي «الخير» و «الشر» فقيل : غبار العمل خير من زعفران العطلة. وقيل : الدال على الخير كفاعله. يروى أن المأمون قال لرجل اغتاب رجلا في مجلسه : دع الشر يعبر. وقال بعضهم : إذا أتاك سائلك فلا ترده إلا بعطية قليلة أو كثيرة تقطع بها عنك لسانه فلا يذمك. وقال آخر : ادفع بالشر بما تقدر عليه. وقيل : خير أهلك من كفاك. وقيل : إذا فاتك خير فأدركه وإن أدركك شر فاسبقه وقيل : اعمل الخير لأهله فإن لم تجد أهله فأنت أهله.
** (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى وبنينا فوقكم سبع سماوات قوية الخلق محكمة البنيان وبعد حذف المضاف إليه «سماوات» نون آخر المضاف «سبع» فصار : سبعا وشدادا : جمع «شديدة» و «سبع» بسكون الباء وهو عدد و «السبع» بضم الباء وإسكانها لغة حكاها الأخفش وغيره وهي الشائعة كقوله تعالى في سورة «المائدة» : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) يجمع في لفظة ضم الباء على «سباع» وعلى سكون الباء على «أسبع» شأنه في ذلك شأن «الضبع» عند جمعه ـ في ضم الباء ـ على «ضباع» وفي سكون الباء على أضبع .. والسبع : يقع على كل ما له ناب يعدو به ويفترس كالذئب والفهد والنمر ما عدا «الثعلب» فليس بسبع وإن كان له ناب لأنه لا يعدو به ولا يفترس وكذلك الضبع ويقال : سبع الذئب الغنم : أي افترسها. وتسمى «السباع» كالأسد والنمر : ضواري .. وهي جمع «ضاري» وهو اسم فاعل للفعل «ضري ـ يضرى ـ ضراوة بالصيد :