(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٠)
تعرب إعراب الآية الكريمة الأولى. يوم : ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بيقوم الناس وهو مضاف. إذ : اسم مبني على السكون الظاهر على آخره وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين وهو في محل جر بالإضافة والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر بالإضافة.
** (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : هلاك وعذاب للمتلاعبين بالمكيال والموزون الآخذين شيئا طفيفا أي قليلا إما بالنقصان إن كالوا أو بالزيادة إن اكتالوا .. بمعنى يبخسون الميزان أو ينقصونه ـ أي الكيل ـ قليلا .. وقال قتادة أوف يا ابن آدم كما تحب أن يوفى لك واعدل كما تحب أن يعدل لك. وهذا القول موجه إلى الذين يطففون.
** سبب نزول الآية : أخرج النسائي وابن ماجة بسند صحيح عن ابن عباس قال : لما قدم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المدينة كان أهلها من أبخس الناس كيلا ووزنا فلما نزلت هذه الآية الكريمة وما بعدها تابوا إلى ربهم وأحسنوا الوزن والكيل بعد ذلك. وقال الفضل : بخس الميزان سواد الوجه يوم القيامة.
** (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. وقدم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية أي يستوفون على الناس خاصة فأما أنفسهم فيستوفون لها. وقيل : «على» هنا بمعنى «من» الجنسية وهي للمصاحبة أي من الناس للدلالة على أن اكتيالهم من الناس اكتيالا يضرهم. وقال الفراء : «من» و «على» يعتقبان في هذا الموضع لأنه حق عليه فإذا قال : اكتلت عليك فكأنه قال : أخذت ما عليك. وإذا قال اكتلت منك فكقوله : استوقيت منك.
** (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. التقدير : وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذف الجار وأوصل الفعل .. وحذف الجار وإيصال الفعل ورد أيضا في بيت الشعر الشهير :
إذا قالت حذام فصدقوها |
|
فإن القول ما قالت حذام |
ويروى في البيت المذكور : فأنصتوها بدلا من فصدقوها بمعنى : فأنصتوا لها فحذف الجار وأوصل الفعل. وبيت الشعر هذا قاله الشاعر لجيم بن صعب في امرأته «حذام» و «حذام» اسم امرأة تلقب بزرقاء اليمامة يضرب بها المثل في حدة البصر فيقال فلان أبصر من زرقاء اليمامة واسمها : زرقاء ابنة مرة الطمسي وهي أخت رياح بن مرة كانت حادة البصر ليس على وجه الأرض أبصر منها وكانت ـ فيما يروى ـ تبصر الراكب على مسيرة ثلاث ليال .. فلما أغار على قومها الملك حسان أحد ملوك اليمن وكان أخوها مع القوم وحين قربوا من اليمامة حذرهم رياح من أخته وأخبرهم بأنها تنظر الراكب من مسيرة طويلة وأمرهم أن يقلعوا الشجر وكل شخص يحمل أمامه شجرة فعلوا ثم ساروا ولما أشرفت من منظرها قالت : يا جديس لقد سارت إليكم الشجر .. قالوا لها : ما ذاك؟ قالت : أشجار يسير