ومن هنا يظهر أنّ الآية المفسّرة بالخبر حجة لنا ، وأنّ الجهل بالمراد من الردّ الى الله ضعيفة بعد ظهوره من المقابلة في الآية وتفسيره في الخبر ، كضعف احتمال إرادة الرّد إليها معا ، فإنّ الردّ الى كلّ ردّ الى الكلّ ، لعدم الفرقة عند الفرقة.
وأمّا ما يقال : إنّ المحكم لا نعلم المراد به سلّمنا كون الآية منه لكنّا تنازعنا في جواز العمل بالظواهر ، فإن دلّت على الجواز فأين موضع الإفادة ، أو على الرجوع الى محكم غيرها فأين ذلك المحكم.
ففيه أنّ الظاهر من المحكم عرفا ما كان له دلالة ظاهرة يفهمها أهل اللسان وهو الظاهر من الأخبار الواردة في تفسيره أيضا ، بل ومن مقابلته بالمتشابه المفسّر في كلامهم عليهمالسلام بما اشتبه على جاهة ، وأمّا ما هو المرجع في المتنازع فيه فالآيات الكثيرة التي مرّت إليها الإشارة.
ومن أطرف ما أورد على الاستدلال بها في المقام معارضتها بقوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) (١) وقوله تعالى : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) (٢) ، وقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٣) وقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (٤) وقوله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ) (٥) ، الآيات ، وهو كما ترى.
وعن تفسير العيّاشي عن هشام رفعه عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قيل له روي
__________________
(١) النساء : ٦٥.
(٢) الحشر : ٧.
(٣) الأحزاب : ٢١.
(٤) النحل : ٤٤.
(٥) النساء : ٨٣.