ولذا قال مولانا أبو الحسن عليّ بن محمّد العسكري عليهالسلام في رسالته الي أهل الأهواز حين سئلوه عن الجبر والتفويض : إنه اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع فرقها ، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون ، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي صلىاللهعليهوآله : لا تجتمع أمتي على ضلالة ، فأخبر عليهالسلام أنّ ما اجتمعت عليه الأمّة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحقّ فهذا معنى الحديث ، لا ما تأوله الجاهلون ، ولا ما قاله المعاندون من أبطال حكم الكتاب واتباع حكم الأحاديث المزورة والروايات المزخرفة ، واتباع الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب ، وتحقيق الآيات الواضحات النيرات ، الى أن قال في أبطال الجبر وقوله : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ، وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١) ، وقوله : «وما الله بظلام للعبيد» (٢) ، وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٣) مع آي كثيرة في ذكر هذا الخبر (٤) بطوله المذكور في «الإحتجاج» وبوجه أبسط في «تحف العقول» وفيه الاستدلال بآيات كثيرة كلّها ظواهر في الردّ على أهل الجبر وغيره من الشواهد الكثيرة المتقدمة أنّ القرآن هو الصادق والمصدّق للأخبار ، والناطق عليها بالحق ، وأنه الميزان والمعيار في تصديق الأخبار ، وترجيح مختلفاتها كما أنّ عليها المدار في إيضاح مشكلات القرآن وتعيين متشابهاتها.
والرابع بما يغني عن بيانه وضوحه كيف وإنما الكلام في حجيّة الظواهر التي لا تشمل إلّا على قليل من الأحكام ، وأين هذا من استنباط جميع الحقائق
__________________
(١) الكهف : ٤٩.
(٢) (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ فصلت : ٤٦.
(٣) يونس : ٤٤.
(٤) الاحتجاج ص ٢٤٩ ـ ٢٥٢ إلّا أنه ليس في الحديث ذكر الآيتين الأخيرتين.