والأحكام المدلول عليها في مراتب بطونه وتأويلاته كي لا نحتاج معه الى الأمام الذي أودعه الله تعالى علم كتابه المشتمل على جميع كان وما يكون.
والخامس بما سمعت آنفا من الاستدلال بالخبر على المختار والظاهر أنّ المراد به الأخذ بما اتّضح من كلّ منهما ، فإذا علم شيء من محكمات الكتاب وظواهره علم أنه قول العترة الطاهرة ، وإذا صحّ شيء منهم علم أنه مأخوذ من الكتاب ، وإذا اختلف النقل منهم عرض على الكتاب الذي هو الحاكم على الأخبار المختلفة ، أو المجعولة كما أنّ الكتاب إذا تشابهت دلالته أو اختلف في ظاهر النظر آياته وجب الرجوع فيها الى العترة الطاهرة ، وأمّا المحكم منه فهو الحجة الحاكمة على ما وصل إلينا من أخبارهم.
ولذا قال مولانا أبو الحسن العسكري عليهالسلام في الخبر المتقدم.
بعد ما سمعت حكايته : فأول خبر يعرف تحقيقه من الكتاب وتصديقه والتماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث قال عليهالسلام : إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١) ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين عليهالسلام أنه تصدّق بخاتمه وهو راكع (الى أن قال) فالخبر الأول الذي استنبط منه هذه الأخبار خبر صحيح ، وهو أيضا موافق للكتاب ، فإذا شهد الكتاب بتصديق الخبر لزم الإقرار به الخبر (٢).
__________________
(١) المائدة : ٥٥.
(٢) الإحتجاج ص ٢٤٩ ـ ٢٥٢ ولا يخفى أن المؤلف نقل بالمعنى السطر الآخر لأنه على ما نقله المجلسي في البحار ج ٥ ص ٢١ ط. «فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار وتحقيق هذه الشواهد فيلزم