دوريا بل من وجهين إذا كانت من ظواهر الكتاب ضعيف جدا ، نعم قد ادّعى المانع عن العمل بها وهو المنع عن إتباع المتشابه مع عدم بيان حقيقته.
وفيه أنّه مع فرض عدم البيان فالمرجع في فهم معناه العرف واللغة الحاكمين على عدم شموله للظواهر التي لا يتأمل أحد من أهل العرف واللغة في كونها من المحكم المفسر بما اتضح معناه وظهر لكل عارف باللغة ، لا المتشابه الذي لا يعلم المراد به إلّا بقرينة تدلّ عليه أو بغيره ممّا مرّت إليه الإشارة ، على أنّ دعوى عدم بيان حقيقته ممنوعة جدّا كيف وقد سمعت دلالة الأخبار عليه ، وقضيّتها كون المنسوخ منه لا ما احتمل نسخه سيّما بعد تأسيس الأصل المتقدم ، كما أنه لا يرفع اليد عن العام والمطلق وغيرهما من الظواهر التي هي الحقائق بمجرّد احتمال التخصيص والتقييد والإضمار وغيرها ممّا يعدّ في المجاز ، هذا مضافا الى أنهما مفسّران في الأخبار بما يؤول الى المعنى العرفي حسبما سمعت في ما مرّ.
ومن هنا يظهر النظر فيما أطنب من الكلام من نصرة الأخباريين سيّما فيما مهّده من المقدمة الثانية لذلك فلاحظ بل وفيما ذكره المحدث البحراني (رحمهالله تعالى) (١) في مقدمات «الحدائق» ، وفي «الدرر النجفية». وان اختار في آخر
__________________
(١) المحدث الكبير ، والفقيه العظيم الشيخ يوسف بن أحمد البحراني ، كان محدثا ، فقيها ، غزير العلم. ولد في قرية ماحوز سنة ١١٠٧ وقام والده العلّامة الكبير بتدريبه وتربيته وتصدّى لتدريسه وتعليمه حتى أكمل في العلوم الأدبية ومهر فيها ، مضى من عمره أربع وعشرون سنة وقد صار جامعا للعلوم العقلية والنقلية ولكن في هذه السنة أي ١١٣١ مات والده تغمده الله برحمته ، بقي المترجم بعد أبيه بالقطيف سنتين حتى احتلّت الأفاغنة بلاد إيران وقتلوا الشاه سلطان حسين آخر ملوك الصفوية وتفاقمت الاضطرابات في البحرين واستمرّت الثورات الداخلية حتى ألجأت المترجم له الى الجلاء عن وطنه فارتحل الى إيران برهة في كرمان ثم ارتحل الى شيراز ولبث بها غير يسير مدرّسا وإماما وتفرّغ للمطالعة والتأليف ، والبحث والتدريس فألف جملة من الكتب وعدّة من الرسائل ولكن ما أمهله الدهر