قد شغل بالقرآن يده مع قلبه ولسانه ، وبالحريّ أن تشهد له يوم القيامة فإنّها مسئولة ، ولأن ذلك أقرب الى التحفظ فإنّ القارئ لا يأمن السهو ، وقد روى عبد الله بن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : تعاهدوا القرآن فإنّه وحشيّ ، وقال صلىاللهعليهوآله لبعض النساء اعقدن بالأنامل فإنّهن مسئولات ، ومستنطقات ، وقال حمزة بن حبيب (١) وهو أحد القرّاء السبعة إنّ العدد مسامير القرآن (٢).
أقول : أمّا الفائدة في معرفة الآيات فلعلّه يكفي فيها ما سمعت ، بل قد تظهر أيضا في مثل النذر ، والاستيجار للتعليم ، أو للقراءة ، وقراءة الجنب ، وأختيه لسبع آيات المحكم بكراهة ما زاد عليها ، واشتدادها فيما زاد على السبعين ، هذا مضافا الى الفضل المترتّب على أعداد الآيات ، فضلا عمّا يترتب على الحروف والكلمات ، كما ورد في النبوي : أنّ من قرأ مائة آية لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ مائتي آية كتب من القانتين ، ومن قرأ ثلاثمئة آية لم يحاجّه القرآن (٣). وأنه ينبغي أن يقرأ في الوتيرة بعد العشاء مائة آية (٤) ، وأنّ من قرأ مائة آية يصلّي بها في ليلة كتب الله له بها قنوت ليلة ، ومن قرأ مائتي آية في غير صلاة الليل كتب الله له في اللوح قنطارا من الحسنات ، والقنطار ألف ومائتا أوقيّة ، والأوقيّة أعظم من
__________________
(١) حمزة بن حبيب الزيّات كان عالما بالقرآن والقراءات ، قال الثوري : ما قرأ حمزة حرفا من كتاب الله إلّا بأثر ، ولد سنة ٨٠ وتوفي سنة ١٥٦ ويأتي ترجمته مفصّلا.
ـ تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٢٧ ، الأعلام ج ٢ ص ٣٠٨.
(٢) مجمع البيان مقدمة الكتاب ـ الفن الأول في تعداد آي القرآن.
(٣) معاني الأخبار للصدوق ص ٤١٠ قال بعد نقل الحديث : يعني من حفظ قدر ذلك من القرآن ، يقال قد قرأ الغلام القرآن إذا حفظه.
(٤) مصباح المتهجد ص ٨١ : يستحب أن يقرأ فيهما (الركعتين للوتيرة) مائة آية من القرآن وروي في فلاح السائل ص ٢٥٩ عن الصادق عليهالسلام قال : كان أبي يصلّي بعد عشاء الآخر ركعتين وهو جالس يقرأ فيهما مائة آية.