شيئا من هذا ، فهذا كلّه ذلك النبي صلىاللهعليهوآله ، وأصله وفرعه ، وهو دعاني إليه ، ودلّني عليه ، وعرّفنيه ، وأمرنى به ، وأوجب عليّ له الطاعة فيما أمرني به لا يسعني جهله ، وكيف يسعني جهل من هو فيما بيني وبين الله ، وكيف يستقيم لي لو لا أنّي أصف أنّ ديني هو الّذى أتانى به ذلك النبيّ ، أن أصف أنّ الدين غيره؟ وكيف لا يكون ذلك معرفة الرّجل ، وإنّما هو الّذى جاء به من عند الله ... إلى أن قال : فالله تبارك وتعالى إنّما أحبّ أن يعرف بالرّجال ، وأن يطاع بطاعتهم ، فجعلهم سبيله ، ووجهه الذي يؤتى منه ، لا يقبل الله من العباد غير ذلك ، لا يسئل عمّا يفعل وهم يسألون ، فقال فيما أوجب من محبّته لذلك :
(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (١).
فمن قال لك : إنّ هذه الفرائض كلّها إنّما هي رجل ، وهو يعرف حدّ ما يتكلّم به فقد صدق ، ومن قال على الصفة الّتى ذكرت بغير الطاعة فلا يغني التمسّك بالأصل بترك الفرع ، كما لا تغني شهادة أن لا إله إلّا الله بترك شهادة أنّ محمّدا رسول الله. ولم يبعث الله نبيّا قطّ إلّا بالبرّ والعدل ، والمكارم ، ومحاسن الأخلاق ، والنهى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فالباطن منه ولاية أهل الباطل ، والظاهر منه فروعهم ، ولم يبعث الله نبيّا قطّ يدعو الى معرفة ليس معها طاعة في أمر أو نهى ، فإنّما يقبل الله من العباد العمل بالفرائض الّتى افترضها الله على حدودها مع معرفة من جاءهم به من عنده ودعاهم إليه ... الخبر بطوله (٢).
__________________
(١) النساء : ٨٠.
(٢) بحار الأنوار ج ٤ ص ٢٨٦ ـ ص ٢٩٨ نقلا عن البصائر ص ١٥٤.