والأبرص بإذن الله ، واثبت به الحجّة عليهم ، وإنّ الله تبارك وتعالى بعث محمّدا صلىاللهعليهوآله في وقت كان الأغلب على عصره الخطب والكلام ـ وأظنّه قال : والشعر ، فأتاهم من كتاب الله ومواعظه وأحكامه بما أبطل به قولهم وأثبت الحجّة عليهم.
فقال ابن السكيت : تالله ما رأيت مثل اليوم قطّ ، فما الحجّة على الخلق اليوم؟ فقال عليهالسلام : العقل تعرف به الصادق على الله فتصدّقه ، والكاذب على الله فتكذّبه ، فقال ابن السكّيت : هذا والله الجواب (١).
وبالجملة غرابة الأسلوب ممّا أذعن به الجميع ، ولذا حكى في بعض التفاسير عن أبي عبيدة (٢) : أنّ أعرابيّا سمع قول الله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فخرّ ساجدا في الحال ، فقيل له : أسجدت لله تعالى وآمنت به؟ فقال : لا بل سجدت لفصاحة هذا الكلام.
ثمّ إنّ الأولى عدّ هذين الوجهين سببا واحدا للعلم بالإعجاز ، ولذا تعرّضنا لما يتعلّق بكلّ منهما في الآخر.
وأمّا ما يحكى عن القائلين بالصرفة في إبطال القول بالفصاحة من أنّ الإعجاز لو كان مستندا إليها لكان إمّا من حيث ألفاظه المفردة أو من حيث الهيئة التركيبيّة ، أو منهما معا ، والأقسام الثلاثة بأسرها باطلة ، فاعجازه بسبب الفصاحة باطل ، فيكون للصرفة ، إذ ما عداها من الأقوال ضعيفة ، وإنّما قلنا إنّ الأقسام باطلة لأنّ العرب كانوا قادرين على المفردات وعلى التراكيب ، ومن
__________________
(١) أصول الكافي ج ١ ص ٢٤ ـ بحار الأنوار ج ١٧ ص ١٢٠.
(٢) هو أبو عبيدة معمر بن المثنّى اللّغوى البصري ولد سنة (١٠٦ ه) وتوفّى سنة (٢٠٣ ه) ـ الاعلام ج ٨ ص ١٩٨.