كان قادرا عليهما منفردين يكون قادرا عليهما معا ، فثبت من ذلك أنّ العرب كانوا قادرين على المعارضة وإنّما منعوا منها ، ليكون المنع هو العجز.
ففيه أوّلا أنّ فساد الأقسام لا يقضى بتعيين القول بالصرفة لأنّ بطلان غيرها ليس ببيّن ولا مبيّن ، بل الحقّ صحتها أيضا في الجملة حسبما يفصّل الكلام فيها ، سيّما اشتماله على الاخبار بالمغيبات وغيرها ممّا يأتي.
وثانيا إنّ ما ذكره من قدرة العرب على المفردات وعلى التراكيب. إن كان المراد قدرتهم جميعا أو بعضهم على جميع أفراد النوعين حتّى الكلام البليغ الفصيح الذي هو في نهاية الفصاحة والبلاغة فتطرّق المنع اليه ، واضح جدّا ، كيف ومن البيّن أنّه أوّل الكلام ، بل الضرورة قاضية بأنّ الطائفة المشتركين في لغة واحدة من اللّغات ليسوا بمتساويين في الاقتدار على المفردات الفصيحة ومركّباتها ولا على أداء الكلام مطابقا لمقتضى الحال على نحو واحد ، فضلا من أن يشركوا في القدرة على المرتبة العليا الّتي يعجز عنها القوى البشريّة.
وإن كان المراد قدرتهم على معرفة اللّغات العربيّة وتركيبها في الجملة ، فمع تسليمه لا يجدي ، ضرورة أنّ مجرّد معرفة اللّغات لا يستلزم القدرة على التعبير عن المعاني بالألفاظ الجامعة لوصفى الفصاحة والبلاغة ، وبالجملة فالفرق واضح بين العلم باللّغات والألفاظ المفردة وكيفيّة التركيب وبين ملكة إنشاء الكلام جامعا للوصفين. هذا.
مضافا إلى أنّ القائل بالصرفة إن أراد سلب الداعية فمن البيّن نحقّقها ، سيّما بالنّسبة إلى الّذين شمّروا عن ساق الجّد للمعارضة. وإن أراد سلب العلم أو القدرة فمن المفروض تسليم القائل بالصرفة قدرتهم المستلزمة للعلم أيضا.
أللهمّ إلّا أن يقال : إنّ ما هو المسلّم في كلامه إنّما هو القدرة لا عند