في تواتر القراآت خطاء ، وكذا الروايات عنهم.
وقال ابن المنير (١) : نتبرأ الى الله ، ونبرّء حملة كلامه عمّار ما هم به ، فقد ركب عمياء وتخيّل القراءة اجتهادا واختيارا ، لا نقلا واسنادا ، ونحن نعلم أنّ هذه القراءة قرأها النبي صلىاللهعليهوآله على جبرئيل كما أنزلها عليه ، وبلغت إلينا بالتواتر عنه ، فالوجوه السبعة متواترة اجمالا وتفصيلا ، فلا مبالاة بقول الزمخشري وأمثاله ، ولو لا عذر أنّ المنكر ليس من أهل علمي القراءة والأصول لخيف عليه الخروج عن ربقة الإسلام ، ومع ذلك فهو في وهدة خطرة ، وزلّة منكرة (٢).
ولا يخفى أنّ كلام أبي حيّان ، والتفتازاني ، وابن المنير ، ونظرائهم ناشئ من مجرّد التقليد والعصبيّة ، وحسن الظنّ باختيار الأمّة والاعتماد على المتّسمين باسم الإسلام ، ومتابعة السلف الصّالح ، حتّى كادوا يسطون بالّذين يتكلّمون بشيء من الحقّ وينسبونه الى الخطأ والجهالة ، بل الخروج عن الدين ، فكيف يجترئ أحد أن يتفّوه بالحقّ بعد ظهوره في مثل هذا الأمر الّذى يسهل الخطب فيه ، فضلا عن غيره من الحقائق.
وبالجملة فقد ظهر أنّ دعوى التواتر في شيء ممّا اختلفوا فيه ضعيفة جدّا ، وأضعف منها دعوى تواتر الجميع ، وستسمع من الطوسي والطبرسي ، وغيرهما أنّ المعروف الظاهر من مذهب الاماميّة ، والشائع في أخبارهم وآثارهم أنّ القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد ، وقد مرّت الأخبار الدالّة على ذلك ، وأنّ الاختلاف إنّما جاء من قبل الرّواة ، لا استنادا الى رواياتهم ، بل الى استحساناتهم
__________________
(١) ابن المنير : عبد الواحد بن منصور الإسكندرى المالكي المفسّر ولد سنة (٦٥١) وتوفي سنة (٧٣٣ ه) ـ الأعلام ج ٤ ص ٣٢٧.
(٢) الكشكول ج ١ ص ٤٧ ـ ٤٨.