واجتهاداتهم حسبما يؤدّى إليه أنظارهم ، ولذا قيل : إنّه كان أحدهم إذا برع وتمهّر شرع للناس طريقا في القراءة لا يعرف إلّا من قبله ، بحيث لم يكن قبله معهودا أصلا ، كما يشهد به تتبّع كتب القراءة ، وما أبدعوه من الصفات ، والآداب ، والوظائف التي يمكن تحصيل القطع بعدم كونه معهودا في زمن النبي صلىاللهعليهوآله أصلا ، وهذا فيما يتعلّق بالهيئة ، وأمّا المادّة فقد سمعت أنّ منشأ الاختلاف فيها الأغلاط العثمانيّة ، وخلوّ مصاحفه عن الإعراب والنقط ، على أنّه لو كانت الطريقة المسلوكة لهم هو التواتر لا اشتراك الكلّ في الكلّ على فرض التعدّد ، ولم يختصّ كلّ واحد منهم بواحدة مظهرا للحثّ الأكيد ، والتعصّب الشّديد على تعيينها ، سيّما مع تقارب أزمنتهم وتمكّن كلّ منهم عن الاطّلاع بما وصل إلى الآخر ممّا يقتضي التواتر ، وكيف اطّلع من بعدهم عليه ولم يطّلع كلّ منهم بما تواتر للآخر ، مع قرب المأخذ واتّحاد الفنّ ، ومن المستبعد جدّا تواتر موادّ الكلمات وهيئتها من الحركات والسكنات ، وغيرها ، وعدم تواتر كون البسملة والمعوذتين من القرآن لوقوع الخلاف فيه عندهم على أقوال مرّت إليها الإشارة ، الى غير ذلك مما يقضى بكون قراءاتهم مذاهب لهم ، لا أنّهم قد تواتر إليهم ذلك.
بل يدلّ عليه أيضا ما استدلّوا به في بعض التفاسير وكتب القراءة لترجيح بعض القراآت على بعض ما من مناسبة اللّغة ، وكثرة الأشباه والنظائر ، وموافقة المعنى وغيرها من الوجوه الاجتهاديّة الّتى لا ينبغي الإصغاء إليها ، حسبما تصدّى لحكاية جملة منها في «مجمع البيان» وغيره.
ويؤمي إليه ما ذكروه في أحوال بعض القرّاء وتابعيهم من قولهم : له قراءة ، أوله اختيار.
مع أنّه اختلفت الرّواية عن كلّ واحد من هؤلاء القرّاء أيضا ، بل