وفي «قرب الإسناد» عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : يستحبّ أن يعلّق المصحف في البيت يتّقى به من الشياطين.
قال : ويستحبّ أن لا يترك من القراءة فيه (١).
أقول : ويستفاد منه جهة ثالثة للاستحباب ، وهو استعمال المصحف وعدم ترك القراءة فيه ، فلا تغفل.
السّادس من الآداب خفض الصوت والإسرار بالقراءة لأنّه أبعد من الرياء ، وأقرب الى الخلوص وأحدى بتوجّه النفس وحضور القلب ، لنيل المقامات ، والتحقق بحقائق الآيات ، فإنّ الصوت كلّما ازداد جهارته ازداد توجّه النفس إليه ، واشتغال القلب به ، فإنّه (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (٢) فينصرف ، شطر من توجّه القلب إلى ضبط ميزان الصوت والتحسين ، والتحرير ، والانتقال ، وغير ذلك من الأحوال.
وأمّا خفض الصوت فالقارئ معه يتمكّن من صرف تمام القلب الى التدبّر في المعاني ، والتحقّق بحقائقها ، ولذا يمكن في الإسرار من التدبر والتفكير ما لا يمكن في الإجهار ، بل لعلّه يحصل في الاستماع من الالتفات ما لا يحصل في القراءة ، ولا تغفل عن هذه الدقيقة ، فإنّها كثيرة الفائدة.
هذا مضافا الى قوله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٣) أى المجاوزين ما أمروا به في الدعاء من الإخفات ، ولذا قال
__________________
(١) قرب الاسناد ص ٤٢ المطبوع بطهران بأمر أية الله العظمى البروجردي قدسسره.
(٢) الأحزاب : ٤.
(٣) الأعراف : ٥٥.