والفضائل الّتى ليست بغناء ، ولو مع احتمال كون التفسير من الصدوق أيضا.
قلت : وفساد هذا الوهم أيضا واضح ، إذ من المقطوع به بعد التأمّل في كلمات اللغويين والفقهاء كون الغناء من صفات الأصوات لا الألفاظ ولذا عرّفوه بالصوت ، وبمدّه ، وبالصوت المطرب ، وبتطريبه ، وترجيعه ، بل لو استقصيت كلمات الجميع وجدتها راجعة الى شيء ممّا سمعت ، بل في «المصباح المنير» : «الغناء مثل كتاب : الصوت» وفي «المقنع» للصدوق مرسلا عن الصادق عليهالسلام : قال : «شرّ الأصوات الغناء» (١) مضافا الى أنّ للأقوال المحرّمة عنوانات أخر كالكذب ، والنميمة ، والبهتان ، والكفر ، ونحوها ، ومن البيّن أنّهم لم يقصدوا بتحريم الغناء إلّا التنبيه على حرمتها من حيث هي ، بل كما أنّ في الألفاظ حراما يجب تركه ، فكذلك في الأصوات.
وأمّا ما جعلوه مؤيّدا لهذا التوهم من الظواهر المتقدّمة فهو بمكان من الضعف والقصور ، إذ يكفى في جواز اتّصاف الحديث باللهو ، والقول بالزور اتصافهما بكيفيّة لاهية باطلة ، ولعلّه من المقطوع الذي لا ينبغي التأمّل فيه بعد ما سمعت وغيره.
ومن العجيب ركون الشيخ التستري (٢) أدام الله بقاءه الى ذلك ، حيث إنّه بعد نقل المناقشة بما سمعت من التأييد ، قال : فالإنصاف أنّها لا تدلّ على حرمة نفس الكيفيّة إلا من حيث إشعار لهو الحديث بكون اللهو على إطلاقه مبغوضا لله تعالى ، وكذا الزور بمعنى الباطل ، وإن تحقّقا في كيفيّة الكلام لا في نفسه كما إذا
__________________
(١) المقنع ص ٤٥٦ وعنه الوسائل ج ١٢ ص ٣٠٩.
(٢) هو الشيخ مرتضى بن محمد أمين الدزفولي الأنصاري المتوفى (١٢٨١) بالنجف الأشرف.