القطع بالامتثال.
وتوهّم أنّ المتيقّن من التكليف إنّما هو بالنسبة الى مصداق العنوانين ، فانتفاء الشرط وهو العلم يمنع من تعلّق التكليف بغيره.
مدفوع بأنّ العلم التفصيلي به وإن كان منتفيا لكنّه ليس مانعا ، ولا وجوده شرطا ، والمفروض القطع بتحقق التكليف بأحد العنوانين ، والعلم الاجمالي حاصل به ، والامتثال بالنسبة إليه ممكن ، كما في الشبهة المحصورة ، وغيرها من الموارد الّتى يجب فيها الاحتياط كما في المقام.
ومن هنا يظهر النظر فيما ذكره شيخنا (١) النجفي عطّر الله مرقده في «الجواهر» حيث حكم بأنّ قضيّة الأصل إباحة الأفراد المشكوكة لكونه من شبهة الموضوع الراجعة إلى شبهة الحكم ، فالقدر المتيقّن هو حرمة الأفراد المعلومة بالتفصيل ، فيشكّ حينئذ في حرمة الزائد لاحتمال كون تمام ماهيّة الغناء ما اشتملت عليه تلك الأفراد خاصّة ، فله الرجوع في غيرها الى أصل الإباحة (٢).
قلت : فعلى هذا فاللازم عليه هو التفصيل بين العامّ والخاصّ المطلقين ، وغيره ، فيحكم بالإباحة في الأوّل والاحتياط في الثاني سواء كانا متباينين أو من العامّين من وجه كما في المقام ، فإنّ من يفسّره بالصوت المطرب يعمّم من جهة الترجيع ، وكذا العكس.
ثالثها : ربما يقال : إنّ تحريم الغناء عقلي لا يتطّرق إليه تقييد ، ولا
__________________
(١) هو الشيخ محمد حسن النجفي شيخ الفقهاء وامام المحقّقين المتوفى (١٢٦٦).
(٢) الجواهر ج ٢٢ ص ٤٨.