القرآن حتى وقع في أيدي القرّاء فتصرّفوا فيه بالمدّ ، والإدغام ، والتقاء الساكنين ، وغيرها تصرّفا نفرت الطّباع منه ، وحكم العقل بأنّه ما تزل هكذا.
ثمّ قال : ظهر رجل اسمه سجاوندى ، أو نسبة الى بلدة فكتب هذه الرموز على كلمات القرآن ، وعلّمه بعلامات أكثرها لا يوافق لا تفاسير الخاصّة ، ولا تفاسير العامّة ، والظّاهر أنّ هذا إذا مضت عليه مدّة عديدة يدّعى أيضا فيه التواتر ، وأنّه جزء القرآن فيجب كتابته واستعماله (١).
أقول : وكأنّ فيه تعريضا على بعض أصحابنا حيث توهّموا تواتر السّبع أو العشر ، وكذا تواتر المدّ ، وغيره من الكيفيّات حسبما مرّت اليه الاشارة وتأتى إنشاء الله تعالى.
وبالجملة فلا وجه للاعتماد على شيء من تلك الوجوه والكيفيّات سيّما مع جعلهم بعض الأقسام منه واجبا ، وبعضها حراما ، من دون الاستناد الى آية أو رواية ، أو حجّة شرعيّة ، أو دلالة عقليّة.
كما يحكى عن بعضهم : أنّ الوقوف الواجبة ثلاثة وثمانون وقفا ، منها الوقف على لفظ الجلالة في قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) (٢).
وعن الإمام أبي منصور (٣) أنّه جعل الوقف الحرام ثمانية وخمسين وقفا ومن وقف على واحد منها متعمّدا فقد كفر ، وجعل منها الوقف على (صِراطَ الَّذِينَ) (٤) ، وعلى (مُلْكِ سُلَيْمانَ) (٥).
__________________
(١) الأنوار النعمانية ج ٢ ص ٣٦٢ ط تبريز.
(٢) آل عمران : ٧.
(٣) ابو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي المتوفّى (٤٢٩) ـ الاعلام ج ٤ ص ١٧٣.
(٤) الفاتحة : ٧.
(٥) البقرة : ١٠٢.