بينه وبينهم علائق وارتباطات مختلفة متعلّقة بالأموال والأحوال ، والأفعال ، والأقوال ، فاذا خلى بنفسه ساعة ليستريح ، ترائت له تلك الارتباطات ، وحدثّت بها نفسه ، واشتغل بها قلبه ، وأقبل على التفكّر فيها إقبال المحبّ للمحبوب ، أو الكاره للمرهوب عنه ، لاشتمال تلك الخطرات على الأمور المطلوبة الّتى تسرّه ، أو الأفكار الرديّة الموحشة التي تسوؤه وتضرّه ، مضافا إلى مالا مخلص له عنه من التفكّر في تدبير المعاشرات المستأنفة ، وحفظ الارتباطات السّابقة في الأزمنة المستقبلة ، بل ربما يصل به الحال الى أن لا يملك البال ، بل لا يزال الخيال في تحوّل وانتقال من شيء الى شيء فينتقل معه القلب من حال الى حال.
ولذا قال مولانا الصادق عليهالسلام : «إعراب القلوب على أربعة أنواع : رفع ، وفتح ، وخفض ، ووقف ، فرفع القلب في ذكر الله تعالى ، وفتح القلب في الرضا عن الله تعالى ، وخفض القلب في الاشتغال بغير الله ، ووقف القلب في الغفلة عن الله تعالى ، ألا ترى أنّ العبد إذا ذكر الله بالتعظيم خالصا ارتفع كلّ حجاب كان بينه وبين الله تعالى من قبل ذلك ، وإذا انقاد القلب لمورد قضاء الله بشرط الرضا عنه كيف ينفتح القلب بالسرور والراحة والروح ، وإذا اشتغل قلبه بشيء من أسباب الدنيا كيف تجده منخفضا مظلما كبيت خراب ليس فيه عمران ، ولا مؤنس ، وإذا غفل عن ذكر الله كيف تراه بعد ذلك موقوفا محجوبا قد قسى وأظلم منذ فارق نور التعظيم.
فعلامة الرّفع ثلاثة أشياء : وجود الموافقة ، وفقد المخالفة ، ودوام الشوق.
وعلامة الفتح ثلاثة أشياء : التوكّل ، والصدق ، واليقين.
وعلامة الخفض ثلاثة أشياء : العجب ، والرّياء ، والحرص.
وعلامة الوقف ثلاثة أشياء : زوال حلاوة الطاعة ، وعدم مرادة المعصية ،