رابعها : حجاب الجهل بمعاني القرآن حتّى ترجمة ظاهر ألفاظه ، لأنّ الجاهل. بمعاني القرآن ، والصلاة ، والدعاء ، والأذكار ، وغيرها كالعجمى البحت الذي لا يعرف شيئا من ترجمة الألفاظ العربيّة التي ورد التوظيف بها ، أولا يعرف كثيرا من لغاتها بل ربما يلحن في موادّ ألفاظها وهيئتها ليس له من الفضل والثواب ما للعالم المطّلع على معانيها ومبانيها ، ووجوب ظاهرها. وتنزيلها ، كما أنّه ليس لهذا العالم من الأجر والثواب ما للعالم المطّلع بأنوار التنزيل ، وأسرار التأويل ، بل التفضيل بينهم على حسب مراتب العلم ودرجات المعرفة ، ولذا قال الله سبحانه : (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) (٤) وقال : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (٥) ، وقال : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٦).
وعن أبى جعفر عليهالسلام قال : ما استوى رجلان في حسب ودين قطّ إلّا كان أفضلهما عند الله عزوجل آدبهما ، قال : قلت : جعلت فداك قد علمت فضله عند النّاس في النادي والمجالس ، فما فضله عند الله عزوجل؟ قال عليهالسلام : بقراءة القرآن كما أنزل ، ودعائه لله عزوجل من حيث لا يلحن ، وذلك أنّ الدعاء الملحون لا يصعد عند الله عزوجل (٧).
والأدب في الظاهر بمراعاة الحروف ، وإعراب الألفاظ ، وفي الباطن بحفظ الحدود ونور الاستيقاظ كما يومئ إليه أيضا قوله عليهالسلام : «كما انزل».
__________________
(٤) المجادلة : ١١.
(٥) سورة يوسف : ٧٦.
(٦) الزمر : ٩.
(٧) عدّة الداعي ص ١٠.