فعند التوسيع والمغفرة والرحمة والفضل ينبسط قلبه ويستبشر حتى يظهر آثار البشارة على بشرته كأنّه يطير من الفرح ، قال سبحانه : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (١).
وعند الوعيد ، واشتراط المغفرة بالشروط يستشعر الخشية لما يعلم من نفسه من التقصير والعصيان ، فيملأ قلبه خوفا ، ويقشعرّ جلده وجلا ، ويظنّ أنّ زفير جهنّم وشهيقها بمسمع منه ومنظر لقوّة يقينه ، وإيمانه بالغيب ، وهم الذين من خشيته مشفقون.
وروى عن ابن عبّاس : «أنّ أبا بكر قال : يا رسول الله ما أسرع إليك الشيب؟! فقال صلىاللهعليهوآله : شيّبتنى الهود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعمّ يتساءلون (٢).
وعنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إنّي لأعجب أنّي كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (٣).
وعند ذكر التوحيد والصفات الجلاليّة والحماليّة وأسماء الله الحسنى ، وأمثاله العليا ، يتحقّق في مقام الذلّة ، والعبوديّة ، والاستكانة والتضرّع ، والخشوع كى يستعدّ لإشراق أشعّة أنوار الجلال ، ويمرّ على وجوده نفحة من نفحات روح الوصال.
وممّا ذكرناه يعلم الحال في الآيات المتعلّقة بحكايات أحوال الأمم السالفة ممّن نجى وممّن هلك ، ومقالات الكفّار ، ومقامات الحبّ والرضا نحو (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (٤) (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (٥) (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ
__________________
(١) التوبة : ١٢٤.
(٢) المجالس ص ١٤١ ـ الخصال ج ١ ص ٩٣.
(٣) الأصول من الكافي ص ٦٠٧.
(٤) المائدة : ٥٤.
(٥) البقرة : ١٦٥.