وَرَضُوا عَنْهُ) (١).
وبشارة اللقاء وغير ذلك ممّا يتعسّرا حصاؤه ، وإنّما المعيار هو التحقّق في مقام القبول والإقبال وتكّون الوجود بما يمرّ عليه من آيات ذي الجلال حتّى يتكرّر عليه الكسر والصوغ مرّة بعد اخرى ، ويستكمل وجوده عما كان عليه إلى ما هو أليق وأخرى.
ومن الوظائف الباطنيّة : التخصيص بأن يقدّر ، بل يعلم أنّه المقصود بكلّ خطاب في القرآن ، وإن لم يكن تمام المقصود ، فالخطابات العامّة شاملة له أيضا.
وأمّا الخطابات الخاصّة ، وقصص الأوّلين والأمثال ، وغيرها فليعلم أنّه ليس المقصود منها مجرّد المسامرة ، بل العبرة ، والتذكّر ، والالتفات الى أسباب الهلاك والنجاة ، فإنّه ليس بين الله وبين أحد من خلقه قرابة ، ولا رحم ، ولا صداقة سابقة ، ولا عهد ، ولا ميثاق.
فلينظر في أنّ من نجى من الأمم السالفة بما نجى فليأخذ به ، وفي أنّ من هلك منهم بما هلك فليتجنّب عنه.
وليتأمّل في الأمثال التي ضربها الله للنّاس لعلّهم يتفكّرون ، وإن كان لا يعقلها إلّا العالمون ، وذلك لأنّ تلك الأمثال أمور حقيقيّة ، وحقايق نورانيّة منزّلة في كسوة الأمثال المحسوسة تمثيلا للمعقول بالمحسوس ، وتقريبا لأفهام الناس لعكوفهم على عالم الحسّ الظاهر ، وإعراضهم عن عالم الأنوار والعقول ، ومع
__________________
(١) المائدة : ١١٩ ـ التوبة : ١٠٠.