كصاحب الجواهر وغيره ، بل ولظاهر الأكثر على ما تسمع أنّ النهى نهى تعظيم لا نهى تحريم ، وذلك لأنّ قضيّة تعظيم كتاب الله وكلامه أن لا يساوم في معرض البيع والشراء ، ولا يشترى بآيات الله ثمنا قليلا ، بل يجعل البيع الصوري بالنسبة الى الجلد ، والغلاف ، وغيرهما ممّا يتعلّق به ، وإن كان المقصود الأصلى هو الكتابة ، بل يتفاوت البذل باختلافها في مراتب الجودة.
وبالجملة قضيّة الأصول والإطلاقات والعموم جواز بيعه ، بل عليه السيرة القطعيّة في سائر الأعصار والأمصار ، وإن اشتهر بين أهل العرف من جهة حسن الأدب تسمية بيعه أو ثمنه هديّة.
بل في خبر عنبسة الورّاق ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام فقلت : أنا رجل أبيع المصاحف ، فإن نهيتني لم أبعها؟ فقال عليهالسلام : ألست تشترى ورقا وتكتب فيه؟ قلت : بلى وأعالجها ، قال عليهالسلام : لا بأس بها (١).
بل ولعلّ فيه إشارة إلى إثبات المقتضى لجواز البيع ونفى المانع عنه ، وذلك أنّ كلّا من الورق والمداد الذي يكتب به كانا قبل الكتابة ملكا له ، ومجرّد الكتابة غير موجب لخروج شيء منهما عن ملكه ، ولا لخروجهما عن قابليّة الانتقال ، سواء قلنا إنّ المكتوب وهو النقوش الواقعة على سطح الورق من الأعيان الّتى يكون بإزائها جزء من الثمن كما هو الأظهر ، أو قلنا : إنّها من الأعراض والصفات الّتى تزيد بها قيمة الورق.
هذا مضافا الى أنّ ما يحرم بيعه أو نقله مطلقا إمّا أن يكون هو خصوص النقوش ، أو النقوش بمحالّها من الورق ، أو الورق المنقوش باعتبار موضع
__________________
(١) الوسائل ج ١٧ ص ١٥٩ عن الكافي ج ٥ ص ١٢٢ ح ٤.