إليها إخفاء الحق في جملة المذاهب المختلفة ، وهل العلوم المذكورة إلّا من المبادي والمقدمات العامّة التي يتوقّف على العلم بها فهم عامّة المخاطبات العربيّة وإن لم تكن شرعية فالناس يطلبونها لمعرفة الخطابات الواردة في الكتاب والسنّة لكونها عربيّة لا متشابهة ، على أن أسباب التشابه من الاشتراك اللفظي والمعنوي وخفاء القرائن وغيرها شايعة في ألسنة العرب ، وأين هذا من خصوص ما أوجب افتراق المذاهب والاختلاف في الدين.
ومن جميع ما مرّ ظهر ضعف الخامس أيضا فإن التدرّج في الإرشاد إنّما هو بالإجمال والتفصيل لا بما يوهم الجبر والتجسّم والتعطيل.
والتحقيق في دفع الأشكال أن يقال إنّ الله تعالى قد بعث رسوله صلىاللهعليهوآله بالرّسالة وختم به النبوة ، وجعله حجّة على جميع العالمين ، وجعل شريعته باقية في عقبه الى يوم الدين ، وأنزل عليه كتابا جامعا لعلوم الأولين والآخرين ، بل حاويا لجميع الحقائق والمعارف والأحكام والحوادث مما كان أو يكون أبد الآبدين حسبما مرّت اليه الإشارة ، وحيث إنّه صلىاللهعليهوآله لم يتفرّغ في البرهة التي كان فيها بين الأنام لتبليغ جميع الأحكام ، بل ساير المعارف التي لم تستعدّ أصحابه لقبولها وإدراكها لقرب عهدهم بالجاهلية الجهلاء ، مع أنّهم أعراب عرباء أولو أحقاد وقسوة وجفاء ، فلذا أودع علمها عند خليفته ووصيّه بل أودع عنده جميع معاني القرآن وبطونه وحقائقه ، وأمر بحفظهما واتباعهما والتمسك بهما معا وأنّهما لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض ، وحيث إنّه علم أنّ من أمته من يرتدّ عن دينه ، ويترك وصيته في خليفته ، وينازعه في أمر هو أحق من غيره ، فلذا جعل الله سبحانه ، ظاهر كتابه مشتملا على المحكم الذي لا يختلف فيه اثنان لظهوره ووضوحه ، وعلى المتشابه الذي أخبر في كتابه أنّه لا يعلمه إلّا الله