والراسخون في العلم الذين هم حججه على عباده ، وأمنائه في بلاده على ما أخبر به النبي صلىاللهعليهوآله فيما ورد من طرق الخاصّة والعامّة ، بل أخبر في كتابه : أنهم (لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (١).
فالمتشابهات هي الّتي يضطرّ الناس ويلجئهم إلى الإقرار والإذعان بولاية أولياء الأمر الذين هم الباب والحجّاب ، وحملة الكتاب وفصل الخطاب (لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٢) ، (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) (٣). ولو كان القرآن كلّه محكما لتوهّموا أنّه مقصور على ظاهره الذي هو غير مشتمل إلّا على أقّل قليل من الأحكام ، ولم يمكن الإحتجاج عليهم بأنّهم محتاجون في معرفة حقائق الكتاب ، وشرايع الحلال والحرام الى الإمام عليهالسلام. وتوهّم أنّه مع ذلك لم ينفع به من هداه الله بنور الإيمان ثم إنّ ما ذكرناه من الحكمة هو المستفاد من كلام أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) :
ففي المحكيّ عن تفسير النعماني بالإسناد عن الصادق عليهالسلام قال : إن الله بعث محمدا صلىاللهعليهوآله فختم به الأنبياء فلا نبيّ بعده ، وأنزل عليه كتابا فختم به الكتب فلا كتاب بعده الى أن قال : فجعله النبي صلىاللهعليهوآله علما باقيا في أوصيائه فتركهم الناس وهم الشهداء على أهل كل زمان حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الأمر وطلب علومهم ، وذلك أنّهم ضربوا القرآن بعضه ببعض واحتجّوا بالمنسوخ وهم يظنون أنّه الناسخ ، واحتجّوا بالخاصّ وهم يقدّرون أنّه العامّ واحتجّوا بأوّل الآية وتركوا السنّة في تأويلها ، ولم ينظروا الى ما يفتح الكلام والى ما يختمه ، ولم يعرفوا
__________________
(١) النساء : ٨٣.
(٢) الأنعام : ٣٣.
(٣) النحل : ٨٣.