«الإحتجاج» في جواب الزنديق وقد مرّ (١).
ومنها الأخبار الكثيرة الدّالة على استدلال الأئمة عليهمالسلام بجملة من آياته واحتجاج أصحابهم بعضهم على بعض ، وعلى خصمائهم في المذهب في مقامات كثيرة جدا من الأحكام ، وغيرها الدّالة على حجية ظواهرها واعتمادهم عليها في إثبات مقاصدهم ، وردّهم على خصمائهم في إنجاح مطالبهم ، وتقرير الأئمة عليهم الصلاة والسلام لهم بذلك لاستدلالهم لأصحابهم بها مرشدين لهم اليه ، واستمرار هذه الطريقة بين أصحابهم والتابعين لهم من دون نكير منهم عليه خلفا عن سلف ، كما لا يخفى على من تتبع الأخبار الكثيرة الواردة في أبواب الأصول والفروع.
ومنها أنّ ألفاظ الكتاب لو لم تكن دليلا على إرادة معانيها بدون التفسير لتوقّف كونها معجزة على ورود التفسير وبيان المعاني المرادة ضرورة أنّ من أظهر وجوه اعجازه على ما يأتي اشتماله على الفصاحة والبلاغة التي لا يسعها طاقة البشر حتى اعترف به فصحاء العرب ، حيث عجزوا عن الإتيان بأقصر سورة من مثله ، ومن البيّن أنّ ذلك لا يتّم إلّا بمعرفة المعاني المتصورة من الإلفاظ ، لأنّ البلاغة إنما تعرض اللفظ باعتبار ما أريد به من المعنى ، ولم ينقل أنه صلىاللهعليهوآله كان يتحدّى العرب بالقرآن بعد تفسيره وبيانه لهم ، كيف ولو كان الأمر كذلك لشاع وذاع ، بل قد يقال : إنّ ذلك يوجب خروج القرآن عن كونه معجزا بالبلاغة لتوقّفه حينئذ على التفسير ، وصحّته مبنّية على ثبوت النبوّة فإذا توقف ثبوتها على كونه معجزا لزم الدور.
__________________
(١) الإحتجاج ص ١٣٠ ، وسائل الشيعة ج ١٨ ص ١٤٣.