الذبائح وقتارها (١) في الهواء ، وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خرّوا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم وكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي : إني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقرّوا عينا ، فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدست بند ، فيكون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون.
وإنما سمّت العجم شهورها بآبان ماه وآذر ماه وغيرها اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا ، وعيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع عليها صغيرهم وكبيرهم فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقان من ديباج عليه أنواع الصور اثني عشر بابا كلّ باب لأهل قرية منهم ويسجدون لصنوبرة خارجا من السرادق ، ويقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة في قراهم فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا فيكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنّتهم الشياطين كلها ، فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما ولياليها بعد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون.
__________________
(١) القتار ـ بالضم ـ الدخان من المطبوخ.