فلما طال كفرهم بالله عزوجل وعبادتهم غيره بعث الله عزوجل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهود بن يعقوب ، فلبث فيهم زمانا يدعوهم إلى عبادة الله عزوجل ومعرفته وربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح ، وحضر عيد قريتهم العظمى قال :
يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي والكفر ، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر فأيبس شجرهم أجمع وأرهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم فهالهم ذلك وفظع بهم وصاروا فرقتين.
فرقة قالت : سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه.
وفرقة قالت : لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضوا عليه فتنتصروا منه.
فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ ونزحوا فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم وألقموا فاها صخرة عظيمة ، ثم أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا : نرجو الآن أن